للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما شيخا المذهب الرافعي والنووي نجد هذا الإطلاق شائعاً في كتبهما، وبخاصة الشرح الكبير، والمجموع شرح المهذب، وروضة الطالبين، وبلغ شيوع هذا الإطلاق حدّاً لا يحتاج معه إلى إيراد نماذج، وذكر أمثلة، ومواضع وأرقام صفحات، فحيثما قلبت في هذه الكتب تجده أمامك.

وكذلك تجد هذا الإطلاق في مؤلفات السبكي التقيّ، والسبكي التاج.

كما تجد هذا أيضاً عند الخطيب الشربيني في الإقناع، وفي النهاية لولي الدين البصير، وتتابع على هذا أئمة الشافعية في كتبهم وشروحهم وحواشيهم.

وما ذكرناه مجرد أمثلة فقط. فحيثما وجدت لقب (الإمام) مطلقاً -في كتب مَنْ بعد إمام الحرمين- فاعلم أنه إمام الحرمين، وحذارِ أن تظن أنه الإمام الشافعي.

ومن أوهام الخواصّ في هذا الباب أن مصحح روضة الطالبين (١) -على فضله- قرأ قول النووي: ١/ ٢١٥: " قلت لم يجزم الإمام بأنه يكون على ذلك الخلاف، بل قال: في هذا تردد عندي "، فظن خطأً أن هذا الإطلاق يعني أن المقصود هو الإمام الشافعي، وواضح أن مثل هذا لا يكون من كلام الشافعي، فراجَعَ الشرحَ الكبير الذي هو أصل الروضة، وراجعَ المجموع، فوجد العبارة فيهما منسوبةً لإمام الحرمين، فغيّر عبارة النووي حتى صارت: " لم يجزم إمام الحرمين ... " وقال في الهامش: " في الأصل (الإمام) وقد صوّبتها من المجموع للنووي، والشرح الكبير للرافعي " ا. هـ.

والواقع أنه خطّأ الصواب، وأتى مكانه بمرادافٍ؛ فالإمام هو إمام الحرمين بعينه.

وهذا الوهم إلى هنا أمره محتمل غير خطير، ولكن تُرى ماذا فعل المحقق الكريم بما رآه من عشرات المرات للفظ الإمام، ولم يجد تصريحاً في مصدرٍ آخر بأن


= ومما يسجل هنا أن الزركشي كان دقيقاً في استعمال هذا اللقب، فقد رأيناه في كتبه الفقهية يطلق على إمام الحرمين لقب (الإمام) مطلقاً، وأما في البرهان في علوم القرآن فاحتاط للأمر فذكر إمام الحرمين في كل موضع ورد فيه بهذا الاسم (إمام الحرمين) أو يقول: الجويني.
(١) طبعة المكتب الإسلامي، فقد طبعت بعدها طبعة لا خير فيها، ولا ثقة بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>