للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقصود إمام الحرمين؟!! هل فسرها بأنها الإمام الشافعي؟ أم بأي إمام؟ إن هذا الوهم وأمثاله لو لم يتدارك، لقلب الموازين، وغيّر وبدّل، وسمى الأشياء بغير أسمائها، وذلك لعمري خلل عظيم.

عُدنا للحديث عن منزلة الإمام.

ولعل من أعظم الأدلة على شيوع وذيوع هذا اللقب (الإمام) وإطلاقه على إمامنا أنه انتقل إلى لسان أئمة المذاهب المخالفة، وتردد في كتبهم، فقد وجدنا صاحب مسلّم الثبوت (ابن عبد الشكور) المتوفى ١١١٩هـ -عند الحديث عن تعبد النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، وهل كان متعبداً بشرعٍ، أو بغير شرع- يقول: " ونفاه المالكية، وجمهور المتكلمين: فالمعتزلة قالوا: التعبد بشرعٍ مستحيل، وأهل الحق: غير واقع، وعليه القاضي، وتوقف الإمام (١) والغزالي " (٢).

وعند الحديث عن تعدد العلة وتعليل الحكم بأكثر من علة، يقول: " والإمام قال: يجوز التعدد عقلاً ويمتنع شرعاً " (٣).

والأبلغ من ذلك دلالة أن يذيع تلقيب الإمام بهذا حتى ينتقل إلى لسان أئمة فنون أخرى غير الفقه والأصول، والعلوم الشرعية كلها، فنجده عند أئمة اللغة، وفي كتبهم، فها هو ابن هشام في كتابه الفذ (مغني اللبيب) عند الحديث عن (الواو) ومعانيها يقول: " ونقل (الإمام) في (البرهان) عن بعض الحنفية أن الواو للجمع " (٤).

...


(١) ر. البرهان في أصول الفقه: ١/فقرة رقم: ٤٢٣، حيث يقول الإمام بالتوقف في هذه المسألة.
(٢) ر. شرح مسلم الثبوت: ٢/ ١٨٣.
(٣) السابق نفسه: ٢/ ٢٨٢، وانظر البرهان: ٢/فقرة رقم: ٧٩١، حيث يقول الإمام: " تعليل الحكم الواحد بعلتين ليس ممتنعاً عقلاً وتسويغاً، ونظراً إلى المصالح الكلية، ولكنه ممتنع شرعاً " ا. هـ بنصه.
(٤) مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: ٤٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>