للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٨٢٢ - فأما أشجارها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة عام الفتح: " لا يُعْضَدُ شجرُها، ولا ينفّر صيدُها، ولا يختلى خلاها، ولا تحِل لقطتُها، إلا لمنشد " (١)، فلم يختلف علماؤنا في أن الأشجار الحَرَمية، كما سنصفها يحرمُ عضدُها والتعرضُ لها، بما ينقُصُها.

ثم ظاهر المذهب أن الأشجار الحرمية إذا عُضِدَت ضُمنت.

٢٨٢٣ - والكلام في فصولٍ: أحدها - في صفات الأشجار المضمونة.

فالذي رأيت طرق الأصحاب عليه أن المضمون هي الأشجار البريّة، التي تنبت [بأنفسها] (٢) من غير قصد آدمي، فأما الأشجار المثمرة التي ينبتها الناس، فلا ضمان فيها، والبرّيات مشبهة بالصيود، والأشجار المستنبتة مشبهة بالنَّعم. ثم المثمرة منها كالنخيل والكروم وغيرها، وغير المثمرة: كالصنوبر، والعَرْعَرْ، والفِرْصاد (٣) والخِلاف. والأشجار البرّية كالعوسج، والطَرفاء، والأراك، والعَضاة. ونحوها.

ثم ما ذهب إليه الأصحاب أن الأشجار البرية إذا استنبتت، فهي مضمونة بجنسها، والأشجار التي تستنبت لو نبتت بأنفسها وفاقاً، لم تضمن لجنسها. وقال صاحب التلخيص: الاعتبار بالقصد، لا بالجنس، فما استنبت، لم يُضمن، وما نبت بنفسه، ضُمن، من غير نظر إلى الجنس.

قال أئمتنا: لا خلاف أن من أدخل نواةً الحرم، أو قضيباً حِلِّياً وغرسه في الحرم، فَعَلِق وبَسَق، لم يصر شجرةً حرمية، (٤ وسبيلها سبيلُ الصيد المملوك يدخل الحرم. ولو أخرج قضيباً حرمياً من الحرم، وغرسه في الحل، فهو شجرةٌ حرمية ٤) نظراً إلى أصلها.

وهذا فيه تردد عندي ظاهر.


(١) حديث: " لا يعضد شجرها " متفق عليه (ر. البخاري: الجنائز، باب الإذخر والحشيش في القبر، ح ١٣٤٩، وأطرافه كثيرة، مسلم: الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها، ح ١٣٥٥،١٣٥٣).
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) الفِرصاد في لسان الفقهاء: الشجر الذي يحمل التوت. (المصباح).
(٤) ما بين القوسين ساقط من (ك).