ولو وهبَ أحدُهما المبيعَ ولم يسلمه، فالقياس عندي أنه لا يكون مختاراً؛ فإنه إنما يتم بالقبضِ، والهبةُ مُشعرةٌ بالهمِّ بخلاف الوطء، وفيه احتمال. والاستخدامُ ليس اختياراً على القاعدة.
وفي الإجارة والتزويج الاحتمالُ الظاهر.
ولو باعَ المبيعَ في زمان الخيار وشرط في البيع الخيارَ، فإن قلنا: لا يزول مِلكُ البائع، فيقرب تنزيل هذا منزلة الهبةِ قبل القبض، وإن قُلنا: يزول الملك، ففيه احتمالٌ أيضاً، لإمكان الاستدراكِ فيه، فكأنه هَم أن يبتَّ الخيارَ. ولو وهبَ البائعُ من وَلدهِ وسَلّمَه، فالوجه القطع بأنه اختيار؛ فإنّ ملك المتهب تامّ. والرجوعُ في حكم ابتداء حق أثبته الشارع.
والمرتبةُ الرابعة - حق الرجوع بعدَ تمام زوال الملكِ كرجوع الواهب، والرجوع في عين المبيع عند إفلاس المشتري بالثمن، والأصل فيه أن الرجوع يستدعي تصريحاً، فإنه جَلْبُ ملك ابتداءً، وقد ذكرت خلافاً في إعتاق من له الرجوع، وأنه هل ينفذ متضمناً رجوعاً، والوجه القطعُ بأن الواهبَ لو وطىء الجاريةَ الموهوبة، لا يكون وطؤه رجوعاً، ولا شك أن إقدامَهُ على الوطء محرَّم؛ فإن تلك الجاريةَ مباحةٌ للمتَّهب، ويستحيل أن تحلَّ جاريةٌ لرجلينِ في حالةٍ واحدة.
هذا بيان قواعد المذاهب فيما أردناه.
فصل
٢٩٣٣ - من ثبت له الخيار بالشرط، لم يقف نفوذُ تصرفه على حضور صاحبه.
وإن أجاز، نفذت الإجازةُ في غيبة صاحبهِ نفوذَها في حضرته، وكذلكَ إذا فسخَ. ولو أعتقَ المشتري، أو باع في حضرة البائع، فسكتَ البائع، ولم يُبدِ نكيراً، لم يكن سكوته إجازةً منه للعقد، والقول فيما فعله المشتري نفوذاً ورداً، كما تقدَّم استقصاؤه. وإن وطىء المشتري الجاريةَ المشتراة بحضرة البائع، فسكت، فهل يكون السكوت منه إجازةً؟ فعلى وجهين ذكرهما بعض أصحاب القَفّال، وصاحب