للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكمنا بانفساخ العقد، فالجواب كما مضى. وإن حكمنا بأن العقد لا ينفسخ، فهل يبقى الخيار أم ينقطع؟

التفصيل فيه: أنه إن كان اشترى عبداً بثوب معين، ثم تلف العبد في يد مشتريهِ، وبقي الثَّوبُ في يد البائع، فالبائع على حقه من الخيار؛ إذ لو اطلع على عيب بالثوب، وقد تلف مقابله، لردَّ الثوبَ، فكذلك هاهنا. وأما المشتري لو أرادَ الفسخَ، أو كان اشترى عبداً بثمن في الذمّة، فأراد البائعُ الفسخَ؛ ففي المسألة وجهان: أحدهُما - أن الخيار قد انقطع؛ لأنه كان متعلقاً بالمبيع، وقد فات، فأشبه ما لو اطلع المشتري على عيب بالعبد بعدما مات، فإن أراد ردَّ قيمته واسترداد الثمن، فليس له ذلك، والوجه الثاني - أن الخيار قائم؛ فإن متعلَّقه العقد والعقدُ باقٍ، فأشبه ذلك التحالفَ بعد تلف المعقود عليه. ومذهبُنا أن المتبايعين إذا اختَلَفا في صفة العقد بعد تلف المبيع في يد المشتري، تحالفَا وتفاسخا. فإن حكمنا بانقطاعِ الخيار، فقد لزم العقد، واستقر الثمن، وإن حكمنا بأن الخيار باق؛ فإن أجيز العقد، فالجواب كما مضى في انقطاع الخيار، وإن فسخ العقدُ، استرد المشتري الثمن. وغرِم قيمةَ المبيع للبائع.

قالَ الصيدلاني: إذا قبض المشتري المبيعَ في زمان الخيارِ، ثم أودعه عند البائع، فتلف في يده، فهو كما لو تلف في يدِ المشتري. فإن حكمنا بأن الملك للمشتري، وقلنا: لا ينفسخ العقد، فعلى المشتري الثمن، وإن قلنا: بأن الملك للبائعِ وقُلنا: ينفسخ العقد [لو تلف] (١) في يد المشتري، فنقول: الآن ينفسخ أيضاً، والثمن مَردودٌ على المشتري، ثم قَالَ: وعلى المشتري القيمةُ للبائع؛ فإن يد البائع يدُ أمانةٍ، وهي بمثابة يد المشتري. ولو تلف في يد المشتري، لالتزم القيمةَ، فكذلك إذا تلف في يد البائع؛ فإن يده بمثابة يد المشتري.

قلنا: هذا الذي ذكرهُ في إيجاب ضمان القيمة على المشتري، والتفريع على أن الملك للبائع محتمل؛ فإن العين المملوكة إذا عادت إلى يد صاحبها وتلفت، فيظهر أن يقال: لا ضمان على المشتري، فما ذكرهُ الصيدلاني أوجه.


(١) زيادة من: (هـ ٢).