للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو فَرعّ مفرعٌ على أن الملكَ للمشتري، وارتضى أن البيع ينفسخ إذا تلف المبيع في زمان الخيار في يد المشتري، فحينئذٍ إذا تسلم المشتري، ثم أودعه عند البائع وتلف، فالقيمة تجب على المشتري؛ فإنه تلف ملكه مضموناً في يدٍ أمينة.

٢٩٣٦ - هذا بيان طريقة [واحدةٍ] (١) على وجهها. وذكر العراقيون وبعضُ أصحاب القفال: أن المبيع إذا تلفَ في يد المشتري في زمان الخيار، لم ينفسخ العقدُ أصلاً، وإن فرَّعنا على أن الملكَ للبائع.

ثم فرَّعوا تفريعاً بديعاً، فقالوا: إذا لم ينفسخ العقد، ولم يفسخ أيضاًً، حتى انقضى زمانُ الخيار، فعلى البائع رَدُّ الثمن، وعلى المشتري غرامةُ القيمة، وعللوا بأن المبيع تلف ملكاً للبائع، والمشتري لا يملكهُ في زمان الخيار، ولو بقَّينا الثمنَ على ملكِ البائع، لكان محالاً فإنه إنما يملكُ الثمن إذا ملكَ المشتري المثمن، ولما انقضى الخيار، كان المثمن تالفاً، لا يتصور تقرُّرُ الملك فيه، فلما عسر جريانُ ملك المشتري في المبيع، اقتضى ذلك ألا يملكَ البائعُ الثمن. وهذا الذي ذكروه تخليطٌ ظاهر.

لكنّي أتصرّف [فيه] (٢) ثم أنبّه على منشأ التخليط وطريق قطعه، فأقول: وجبَ أن نفرع هذا أولاً على أن الخيار هَل ينقطع بتلف المبيع في زمان الخيار؟ فإن قلنا: إنه ينقطع، وقلنا: لا ينفسخ البيع على طريقهم لجريان القبض، وإن قلنا: الملك للبائع، فيتّجه على ذلك أن نقول: يستقرّ العقد، وينقلب المبيع إلى ملك المشتري قبيل التلف تبيّناً (٣)؛ فإنّ سبب استمرار ملك البائع الخيارُ، فإذا كان التلف يقطع الخيار، فيجوز أن يؤثر في قلب المبيع إلى المشتري، كما نقول إذا تلف المبيع بعد لزوم العقد في يد البائع، فينقلب إلى ملك البائع قُبيل التلف، فعلى هذا لا ضمان على المشتري، ويستقرّ ملكُ البائع في الثمن.


(١) مزيدة من: (هـ ٢).
(٢) زيادة من: (هـ ٢).
(٣) سبق أن شرحنا معنى التبيّن.