وإن قلنا: لا ينقطع الخيارُ، وقَدْ رأَوْا أن البيع لا ينفسخ، فمن هذا ثار الخبط، كما ذكرناه.
وكان من حقّهم أن يحكموا بانفساخ العقد، ويعللوا بما ذكروه من أنه لا يتصوَّر إجراء الملك في الثمن، من غير جريانه في مقابِله، وقد عسر جريَانُه في مقابله.
وهذا التعليل حسن. ولكن تعليل الانفساخ أظهر، فيجب القطع بالانفساخ على قولنا: الملك في المبيع للبائع في زمان الخيار.
ثم إذا حكمنا بانفساخ العقد على قولنا: الملك للبائع، وذَكرنا جوابين على القول الآخر، فمما أجريناه في التفريع إلزام المشتري القيمةَ. فإن قيل: أيةُ قيمةٍ تعتبر؟ قلنا: إن فرَّعنا على أن الملك للبائع، فالقول في القيمة على هذا القول، كالقول في قيمة المستعار، والمأخوذ على سبيل السَّوْم، وإن قلنا: المِلكُ للمشتري ورأينا أن العقد ينفسخ، فمن ضرورة ذلك الحكم بانقلاب المبيع إلى ملك البائع، ثم التلف يجري في ملكه، فهاهُنا نقطع باعتبار قيمته وقت التلف؛ فإن المبيع كان قبلَه مملوكاً للمشتري، فاستحالَ اعتبار القيمة عليه من وقت الملكِ فيه له. فهذا ما أردناه.
فرع:
٢٩٣٧ - البائع إذا استولد الجارية ولا خيار له، فإن قلنا: الملكُ له، وقضينا بأن الاستيلادَ يثبت؛ فإن كانت الجارية في يد البائع، انفسخ العقدُ. وسنذكر قولين في أن البائع إذا أتلفَ المبيعَ قبلَ القبض بعدَ لزوم المِلكِ للمشتري، فهل يكون هذا كتلف المبيع بآفةٍ سماويَّةٍ، وذاك فيه إذا استقرَّ المِلك للمشتري. أمّا هاهنا، فقد أتلف ملكَ نفسهِ قبل زوال يده، فالوجه القطع بانفساخ العقد، وإن كان سَلّمها إلى المشتري واستولدها في يده، وقلنا: المِلكُ للبائع، فالوجه في الطريقة المرضيَّة الحكم بانفساخ العقد أيضاًً؛ فانا إذا فرّعنا على أن الملك للبائع، فلا أثر لما جَرى من التسليم في منع انفساخ العقد على قياس الطريقة المرضيَّة.
فرع:
٢٩٣٨ - إذا اشترى رجل عبداً بجارية، وكان الخيار للمشتري وحده، فلو أعتق المشتري الجاريةَ، لكان ذلك فسخاً منه للعقد، ولو أعتق العبد، كان إمضاءً وتنفيذاً للعقد، فلو أنه أعتقهما جميعاً؛ فلا ينفذ عتقه فيهما جميعاً؛ فإن تنفيذ العتق