تحت الطُّعْم، والأدويةُ مطعومةٌ، وإن كانت تستعمل على نُدورٍ، ولكنها مُعَدَّةٌ لتُطعم إذا مست الحاجةُ إليها.
هذا هو الأصل، ونذكر مسائلَ فيها تردد.
قال العراقيون: الطين الأرمني مطعوم دواءً، فهو مال ربا، والطين الذي يأكله السفهاء لا ربا فيه؛ فإنه لا يعدّ مأكولاً، وأكله سفهٌ. وكان شيخي يتردد فيه، ويميل إلى أنهُ مال ربا، وما ذكروه في الطين الأرمني صحيحٌ، لا خلاف فيه. وذكر العراقيون فيما صُرف عن الطُّعم اعتياداً وأصله مطعوم، كدهن البنفسج، والورد، وغيرهما، أن المنصوص أن هذه الأدهان مال ربا، فإنها شَيْرج اكتسب روائح من الأزهار، وانكف الناس عن أكلها ضِنّة بها. قالوا: وذكر بعض الأئمة قولاً مخرَّجاً أنها ليست مالَ رباً؛ لأنها لا تُعدّ مطعومةً عرفاً.
قال صاحب التقريب:" دهن البنفسج مال ربا، وفي دهن الورد وجهان ".
ولستُ أفهم الفرق بينهما، ثم إذا جعلناها مال ربا فكلُّها جنسٌ واحد؛ فإنها شَيْرج اختلفت روائحها، لمجاورة أشياءَ مختلفة. هكذا ذكره العراقيون، وهو الوجه.
وذكر الإمام وجهين في الكتان ودهنه، وقطع العراقيون بأن دهنَ الكتان المعد للاستصباح ليس مالَ ربا، والظاهرُ ما قالوه؛ فإن الكتان ودهنه إن فُرض أكلُهما على ندور، فلا نظر إلى ما يندر، وإنما الاعتبار بما هما معدّان له غالباً، وهذا كالكبريت والقطران، قد يندر من بعضٍ أكلُهما، ولكنهما ليسا مُعدَّيْن لذلكَ.
قال العراقيون: ودَكُ السَّمكِ المعَدُّ للاستصباح وتدهين السفن ليس مال ربا، وعللوا ذلك بما قدمناه. وهذا يظهر فيه جعلُه مالَ ربا؛ فإنه جزءٌ من السمك، وهو مطعوم فيه، والزعفران مأكولٌ، والمقصود الأظهر منه الأكل تلذذاً وتداوياً.
ولو فرض علينا شيء يجري فيه الطعم وغيرُه على التقارب في التساوي؛ فالوجه القطع بأنه مال ربا؛ فإنه ظهر كونه مطعوماً، فكفى ذلك، ولا يضر ظهورُ غرضٍ آخرَ فيه، وفيما نقله العراقيون في دهن البنفسج وودك السمك المعدّ للاستصباحِ تناقضٌ؛ فإنهم لم ينظروا إلى العادة في انصراف دهن البنفسج عن الطُعم، واختاروا كونه مالَ ربا، وحكَّموا النص فيه، وقولهم في ودكِ السمكِ يخالف ذلك. وهذا غامض عليهم.