للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والوجه عندنا تخريجُ هذا الفن على الخلاف؛ فإنه متردّد بين الأصل المأكول، وبين الانصراف عن جهة الأكل لغرض في العادة.

فرع:

٢٩٤٥ - اختلف الأئمة في بلع السمكة الحيّة؛ فإن منعنا ذلك، فليس السمك مال ربا في الحياة. وإن جوزنا بلْعَها، فقد تردد شيخي في إجراء الربا فيها، وهذا بعيدٌ عندي. والوجه القطع بأنه لا ربا فيها؛ فإنها لا تُعدّ لهذا الشأن. وكان تخصيص ما ذكره بالصغار التي تُبتلع. وتردّد صاحب التقريب في السمكة، وبنى أمرها على ما ذكرناه، وقطع بالفصل بين الكبار والصغار.

وأما الماء، فمطعوم لا شك فيه، والمذهبُ أنه مملوك يباع، فهو مال رباً. ومن أصحابنا من قال: الماء لا يُملك؛ فيمتنع عنده بيع الماء بالدراهم، وسأذكر أحكام المياه مجموعةً في إحياء المواتِ، وتمام الضبط في هذا أن المعتبر في الاعتداد بالطُّعم حالةُ الاعتدال والرفاهية، فأما ما يطعم في سِني الأَزمِ والمجاعة، فلا معوّل عليه.

فصل

في اعتبار طريق التقدير

٢٩٤٦ - ما جرى في تقديره طريقٌ في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو المعتبرُ فيما يحرم فيه التفاضل، فالحنطة والتمر والشعير كانت تكال، فلا يجوز بيع بعضها ببعض مع اتحاد الجنس وزناً بوزنٍ، وإن كان الوزن أحصرَ من الكيل، ولكن المتبعَ الشرعُ، وإن صح الوزن في شيء في عَصر الشارع صلى الله عليه وسلم، تعيّن الوزنُ فيهِ؛ حيث تحرم المفاضلة.

فإن قيل: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " المكيال مكيال المدينة والميزان ميزان مكة " (١) فما معنى الحديث؟ قلنا: لعل اتخاذ المكاييل كان يعمُّ في


(١) الحديث عن ابن عمر، أخرجه أبو داود في البيوع، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " المكيال مكيال المدينة "، ح ٣٣٤٠، والنسائي في الزكاة، باب كم الصاع: ٥/ ٥٤ ح ٢٥٢١، وفي البيوع، باب الرجحان في الوزن: ٧/ ٢٨٤، ح ٤٥٩٨، وصححه ابن حبان: =