للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المدينة، واتخاذ الموازين يعمُّ بمكة، فخرج الكلام على العادة، وإلا، فلا خلاف أن اعتبار مكاييل أهل المدينة، وموازين أهل مكة لا يرعى، ويجوز أن يقال: ما تعلق بالوزن من النُّصب وأقدار الدياتِ وغيرها، فالاعتبار فيها بوزن مكة، وما تعلق بالكيل في زكاةِ الفطر، والكفارات، فالمعتبرُ ما كان يغلب في المدينة. وليسَ في الحديث تَعرُّضٌ لأمر الربا.

فرع:

٢٩٤٧ - إذا اتخذ مكيالٌ لم يُعهد مثله في عصرِ الشارع، وكان يجري التماثل به، فالوجه القطع بجواز رعاية التماثل به؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعبَّدْنا في الحديث إلا بالكيل المطلق فيما يكال، ولم يعيّن مكيالاً، وأجمع أئمتنا: على أن الدراهم إذا بيعت بالدراهم، وعُدِّلَتا بالتساوي في كفّتَي ميزان، فالبيع صحيح. وإن كنا لا ندري ما تحويه كلُّ كِفة.

وهذا الذي ذكرته في مكيالٍ يجري العرف باستعماله، ولكن لم يعهد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو بيع ملءُ قصعة بملئها، وما جرى العرف بالكيل بأمثالها، فقد حكى شيخي تردّداً عن القفال، والظاهر عندنا الجواز. والوزن بالطيّان (١) وزنٌ، وإن لم يكن له لسانُ وزنٍ، والاستواء يبين فيه بتساوي قَرْعتي الكِفتين، والوزن بالقَرَسْطون وزنٌ، وقد يتأتى الوزن بالماء بأن توضع دراهم في ظَرْف، فتُلقى على الماء ويُنظر إلى مقدار غوصه، ثم يفعل مثل ذلك بمقابلهِ، وليس ذلك وزناً شرعيّاً ولا عرفيّاً. والظاهرُ أنه لا يجوز التعويل عليه في تماثل الربويات.

وما استَربْنا فيه، فلم ندرِ أنه كان مكيلاً في عَصر الشارع أو موزوناً، فلا يخلو إما أن يكون له أصل يعرف تقدير الشارع فيه، أو لا يكون، فإن لم يكن له أصل يُعلم


= ١١٠٥ عن ابن عباس. وأخرجه أيضاًً الطبراني في الكبير: ٣/ ٢، ٢٠/ ١، والبيهقي: ٦/ ٣١، وأبو نعيم في الحلية: ٤/ ٢٠، والطحاوي في المشكل: ٢/ ٩٩، وقال الألباني: صحيح (إرواء الغليل: ٥/ ١٩٣ ح ١٣٤٣)، وانظر أيضاًً (شرح السنة للبغوي - تعليق شعيب الأرناؤوط: ٨/ ٦٩)، و (نيل الأوطار: ٥/ ٣٠٧).
(١) الطيان، والقرسطون: نوعان من الموازين كما يتضح من السياق. ولما أصل إلى وصف لهما.