للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا وإن كان فقيهاً، فالأصح الأول. فلو جفف ما نحن فيه، وكان إذ ذاك يوزن، وقد منَعْنا بيعَ رطبه بالرطب وزناً، ففي جواز البيع في حالة الجفافِ خلافٌ مشهور: من أصحابنا من مَنع. وتوجيهُه أنه امتنع فيه عند هذا القائل جوازُ البيع في أكمل أحواله، فكان ما جرى من الجفاف على ندورٍ، تابعاً في المنع لحالة الكمال.

وهذا يلاحظ ما ذكرناه من التفريع على القول القديم في مثل ذلك.

ومن أصحابنا من قال: يجوز بيع البعض بالبعض في الجفافِ؛ لجريان العُرف بالوزن، وإذا جوزنا بيعَ الرطب بالرطب وزناً، وضممنا إليه القولَ في حال الجفاف، [كان ذلك] (١) بمثابة الرطب الذي لا يجفف اعتياداً، فيجري في حالة الرطوبة واليبوسة الأوجه الأربعة، التي تقدمت مشروحة.

قال العراقيون: جفاف البطيخ حيث يعتاد ذلك من البلاد في حكم جفاف المشمش، والأمر على ما ذكروه.

فرع:

٢٩٥٤ - قال صاحب التقريب: بيع الزيتون بالزيتون جائز؛ فإنه حالة كماله وليس له حالة جفاف، ولكن يعتصر الزيت منه، وليس ذلك من باب انتظار كمالٍ في الزيتون؛ فإنه تفريق أجزائه، وتغييره عن حاله، كما يستخرج السمن من اللبن.

والأمر على ما ذكره.

ومما يتصل بتمهيد هذا الأصل، القول في الدقيق، وكل ما يُتَّخذ منه. فالمذهب الذي عليه التعويل أنه لا يجوز بيع الدقيق بالدّقيق مع اتحاد الجنس؛ والسبب فيه أن كمال البُرّ في كونه بُرّاً، والدقيق زائل عن الكمال، وهو إلى الفساد لو لم يُستعمل، وإذا كان كذلك، فلو بيع الدقيق بالدقيق كيلاً أو وزناً، ثم لاحظنا حالة كونهما بُرّين، لم نَدْرِ هل كانا متماثلين بُراً أم لا. فكان نظرنا إلى الكمال الزائل، بمثابة نظرِنا إلى الكمال المنتظر عند بيع الرطب بالرطب، وكذلك نمنع بيع الحنطة بالدقيق، كما نمنع بيع الرطب بالتمر، وكل ما يتخذ من البُرّ من كعك، أو خبز، أو سويق، فهو [في] (٢)


(١) في الأصل: كذلك. وفي: (هـ ٢): وكذلك. وهذا التصرف منا رعاية للسياق.
(٢) مزيدة من: (هـ ٢).