٢٩٥٥ - ومما يتعلّقُ بهذا الفصلِ القَولُ في بيع هذه المطعومات بعضها ببعضٍ مع نزع النَّوى، والسبب فيه أنه يكتنز في المكيال، ويتجافى على تفاوت ظاهرٍ، على قدر الضغط، وإذا امتنع هذا، فلا شك في امتناع بيع [التمر](١) المنزوع نواه بالتمر مع النوى.
وكان شيخي يذكر خلافاً في مُقدَّد المشمش والخوخ، فيقول: من أصحابنا من أجراهما مجرى التمر، فمنع البيع مع نزع النوى، ومنهم من جوَّز البيعَ مع النزعِ؛ فإن ذلك معتاد في جنسها، ونواها لا يُصلحها، بخلاف نوى التمر؛ فإنه عصامُها من التسويس. وهذا القائل يجوّز البيعَ مع النوى ومن غير نوى، ولم أر لأحدٍ اشتراط نزع النوى، إلا لشيخي، فإنه ذكر عن بعض الأصحاب وجهاً بعيداً في اشتراط نزع النوى، كما يشترطُ نزع العظم عن اللحم في ظاهر المذهب.
فقد تحصلنا على ثلاث مراتبَ، أما التمر، فنزع نواه يمنع بيعَه، واللحم في ظاهر المذهب يتعيّنُ نزع عظمه، إذا حاولنا بيع بعضه بالبعض، وبينهما المشمش، وما في معناه، فيجوز بيعُ بعضِه ببعضٍ مع النوى، وفي تجويز البيع مع النزع الخلافُ المذكور.
وذكر العراقيون وجهين في جواز بيع التمر بالتمر مع نزع النوى، وهذا بعيد جدّاً، ثم جاؤوا بما هو أبعد منه، وذكرُوا خلافاً في بيع تمرٍ منزوع النوى بتمرٍ غير منزوع النوى، وهذا ساقط لا يُحتفلُ بمثله.
وقد تم الغرضُ من الفصلِ.
٢٩٥٦ - ونذكر الآن النصوص الغريبة في الدقيق والكعك.
نقل المزني في المنثور أن الشافعيَّ كان يمنع بيع الدقيق بالحنطة، ويجوّز بيع الدقيق بالدقيق، ونقلَ حرملةُ ذلك أيضاًً، وهذا النصُّ ليس يشعر بأن الدقيق يخالف جنسَ الحنطة، ولكن مقتضاه أن منع بيع الدقيق بالحنطة سببُه التفاوت الظاهر في الكيل، والدقيق مع الدقيق لا يتفاوتُ.