للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فصل

فيما أثّرتِ النار فيه

٢٩٦١ - هذا في وضعه كالقولِ في بيع الشيء في غير حال كماله، ولكنا أفردناه لغائلةٍ فيه. فنقول: بيع الدّبس (١) بالدّبس ممتنع باتفاق الأصحاب؛ والسببُ فيه أن النار قد أثرت فيه تأثيراً بيّناً، وأثر النار يتفاوتُ في التعقيد تفاوتاً ظاهراً؛ فإن ألسنة النار في اضطرابها تختلف حتى يُرى حِسّاً اختلاف الأثر فيما يحويه المرجل الواحدُ، وإذا كان كذلكَ، فالدِّبس قد كان عصيراً، والعصير على كمالٍ، إذ يجوز بيع العصير بالعصير، وإذا نظرنا إلى مقدار من الدّبس يقابله مثله، فلا نَدْري كم في أحدهما من أجزاء العصير قد تعقَد، وكم في الثاني منه؛ فكان هذا خارجاً [على] (٢) منعنا بيعَ الدقيق بالدقيق، نظراً إلى توقع تفاوتٍ في كمالٍ سبقَ للحب، فهذا ما عليه التعويل.

ولو قيلَ: قد يخالف مكيالٌ من الدبس مكيالاً في الوزن لتفاوتٍ في التعقد، لكان كذلك، ولكن لا معولَ عليه؛ فإن المعقَّد يباع وزناً، فالتعويل على ما قدمته [من] (٣) ملاحظة كمال العصير. فهذا بيانُ قاعدة الفصل.

٢٩٦٢ - ولو مِيزَ (٤) شيءٌ من شيءٍ من غير تعقيدٍ، لم يضرّ، كالشمع يُميَّز بالشمس عن العسل، ثم يباع العسل بمثله، فيجوز، ولا امتناع فيه. ولو مِيزَ الشمع بالنار، ووقع الاختصار على قدر الحاجةِ في التمييز، ففيه اختلاف: من أئمتنا من قال: هو بمثابة التمييز بالشمس، ومنهم من منع؛ لأن النار أعظم وقعاً من الشمس، وهي تؤثر آثاراً متفاوتة في مقدار زمان التمييز.


(١) الدِّبس: عصارة الرطب.
(٢) في الأصل: عن.
(٣) في الأصل: بين.
(٤) ميز: وزان بيع، من مازَه: فصله عن غيره. (معجم).