للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وظهر اختلاف الأئمة في بيع السكر بالسّكر، والفانيذ بالفانيذ (١)، فمنعه بعضهم واعتمد أن تأثير النار ظاهر، وهو فوق التأثير في الدِّبس. وقالَ بَعضُهم: يصح؛ فإن تأثير النار قريب، والانعقاد من طباع السكر، لا من أثر النار، وأجزاءُ السكر لا تتفاوت.

فإن قيل: إذا صُفِّي العسلُ بشمس الحجازِ، فقد يكون أثر الشمس في تلك البلاد بالغاً مبلغ النار؛ فإنا نرى شرائح اللحم تُعرض على رمضاء الحجاز، فتنش نشَيشَها على الجمر. قلنا: هذا فيه احتمال، والأظهر جواز البيع؛ فإن أثر الشمس فيما أظن لا يتفاوت، وإنما يتفاوت أثر النار؛ لاضطرابها، وقربها وبُعدها من المرجل.

والتعويل على تفاوت الأثر، بدليل أنه لو أُغلي ماءٌ بالنار، أو خَلٌّ ثقيف (٢)، لم يمتنع بيع بعضه بالبعض؛ فإن النار لا تؤثر في هذه الأجناس بتعقيدٍ، حتى يفرضَ فيه التفاوت، فتزيل بعضَ الأجزاء، وتُبقي الباقي على استواءٍ، وهذا الذي ذكرته جارٍ في كل ما ينعقدُ.

فصل

معقود في الألبان والأدهان والخلول

٢٩٦٣ - والغرض بيان اختلافها وتجانسها، فنقول: أدقّةُ الحبوب المختلفة الأجناس مختلفة، بلا خلاف، واختلف قولُ الشافعي في لحوم الحيواناتِ المختلفة، فقالَ في قولٍ: هي مختلفة؛ فإنها أجزاءُ أصولٍ مختلفةٍ، وقال في قول: هي جنسٌ واحد؛ لأنها اشتركت في الاسم، عند ابتداءِ دخولها في الربا، ولا ننظر إلى اختلاف أصولها؛ فإنها لم تكن مالَ ربا، والغرض من اختلاف الجنس واتحاده أمرُ الربا، وسيأتي القولان في بابه إن شاء اللهُ تعالى.


(١) الفانيذ: نوع من الحلوى، يعمل من (القَنْد) والنشا. والقند: ما يعمل منه السكر، فالسكر من القند كالسمن من الزبد. (المصباح).
(٢) خل ثقيف: شديد الحموضة، من ثقف الخل اشتدت حموضته، وصار حرّيفاً لاذعاً فهو ثقيف. (المعجم).