فإن قيل: إذا قلنا: الألبان جنسٌ واحد، فلا يجوز بيعُ لبن البقر بلبن الإبل متفاضلاً، فلو بيع سمن البقر بلبن الإبل، فكيف حكمه؟ وليس في لبن الإبل سمنٌ يتميّز بالمخض والعلاجِ؟ قُلنا: الظاهر أنا لا نجعل لبن الإبل مشتملاً على سمن تقديراً، حتى يقال: هو بمثابة سمن البقر بلبن البقر، ثم إذا كان كذلكَ، فوَراءه احتمالٌ في أن سمن البقر هل يخالف جنسَ لبن الإبل، والتفريع على تجانس الألبان؟ فالظاهر أنه خلافه؛ فيجوز بيعه به متفاضلاً؛ والسبب فيه أنا حكمنا بتجانس الألبان، لاجتماعها في الاسم الخاص، وقد زال هذا المعنى، ولم نُقدّر في لبن الإبل سمناً.
والعلم عند الله.
فهذا تمهيد القاعدة في المختلطات.
٢٩٦٦ - ونحن نبني عليها الآن مسائل في بيع الخلول بعضِها ببعضٍ.
فنقول (١): بيع خل العنب بخل العنب، ولا ماء في واحدٍ منهما جائزٌ، مع رعايةِ التماثل. وبيع خل العنبِ بخل الزبيب ممتنعٌ؛ لمكان الماء في خل الزبيب. وعصيرُ الزبيب وخلُّه يجانس عصيرَ العنب وخلَّه. وبيع خل الزبيب بخل الزبيب ممتنعٌ، لتجانُس الخلَّين، واشتمالِ كل واحد منهما على الماء، فهو من فروع مُد عجوة. وكذلك يمتنع بيع خل التمر بخل التمر، فأما بيع خل التمر بخل العنب فيخرج على اختلاف القول في تجانس الخلول. فإن جرينا على الصحيح، وقلنا: هما جنسان، فالبيع صحيح، فإن الخلَّين جنسان، وليس في خل العنبِ ماءٌ، حتى يفرض تقابل الماءين. وإن قلنا: هما جنس واحد، فيمتنع البيع؛ لأنه بيع خل وماء بخل صرف يجانسه، فكان كبيع خل الزبيب بخل العنب. وأما بيع خل التمر بخل الزبيب، فيخرج على قول التجانس. فإن قلنا: هما جنس واحد، فالبيع ممتنع بما يمتنع به بيع خل التمر بخل التمر، وإن قلنا: هما جنسان، انبنى الأمر على أن الماء هل يجري فيه الربا؟ فإن قلنا: لا ربا فيه، صح العقد. وإن قلنا: فيه الربا، منع الأصحاب البيعَ؛