فهو يرفض عدّ التراب مطهِّراً، منكراً أن يكون في استعماله في التيمم معنى التطهير والتنظيف، وإنما " عُلِّق بالتراب إباحةٌ بسبب ضرورة " فهو يرى أن التيمم مبيحٌ، وليس رافعاً للحدث، وقد قال ذلك صراحة عند الكلام على النية في التيمم، قال:" مقصود هذا الفصل القول في كيفية النية في التيمم. وأصل الفصل أن التيمم لا يرفع الحدث، ولكنه يبيح الصلاة، والدليل عليه أن من أحدث أو أجنب وتيمم، ثم وجد الماء، فيلزمه التطهّر بالماء، على حسب ما تقدم من حدثه ...
والسبب في التيمم أن من وجد الماء، فهو مأمور باستعماله لرفع الحدث، فإن لم يجده، وظّف الشارع عليه التيمم ليدوم مرونه على إقامة الطهر؛ إذ قد يدوم انقطاعه عن الماء الذي يجب استعماله أياماً، فلو تمادى انكفافه عن الطهارة -وهي ثقيلة- لاستمرت النفس على تركها، فالتيمم إذاً لاطراد الاعتياد في هذه الوظيفة ". اهـ
* ويتصل بهذا أنه خالفَ الأصحاب جميعاً في قولهم بضرورة بسط التراب على جميع أعضاء التيمم رادّاً لإعطاء التراب حكم الماء، حيث رأى اختلاف وظيفة كل منهما وهو يؤكد انفراده بهذا، وأن أحداً من الأصحاب لم يسمح به. وهاك نص ما قاله في ذلك:
" والذي ذكره الأصحاب أن يجب إيصال التراب إلى جميع محل التيمم يقيناً، ولو تردّد المتيمم في ذلك، وأشكل عليه، وجب إيصال التراب إلى محل الإشكال، حتى يتيقن انبساط التراب على جميع المحل، وهذا على القطع منافٍ للاقتصار على الضربة الثانية؛ فإن الاقتصار عليها يوجب عدم الانبساط، ضرورةً وقطعاً، وليس قصور التراب مع غاية التأني يتفق على ندور، بل هو أمر لا بد عنه.
فالذي يجب اعتقاده أن الواجب استيعاب جميع المحل بالمسح باليد المغبرة، من غير ربط الفكر بانبساط الغبار. وهذا شيء أظهرته، ولم أر بدّاً عنه، وما عندي أن أحداً من الأصحاب يسمح بأنه لا يجب بسط التراب على الساعدين ". اهـ
* وشديد الاتصال بهذا ردّه لغلو بعض الأصحاب في كيفية التيمم، ولتصخ السمعَ لنص عبارته في ذلك، قال: " ... كان شيخي يحكي عن القفال: أنه إذا عبق الغبار