للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحنطة بالحنطة، والذي ذكرناه في بيع الحنطة بالشعير والمماثلةُ غيرُ معتبرةٍ في مقصود العوضين، [فلنقع] (١) على ذلك. ولهذا لم نمنع بيعَ المخيض بالزُّبد؛ فإن المخيض وما هو مقصود من الزبد مختلفان، لا تعتبر المماثلة بينهما، والرغوة إن ماثلت المخيض، فهي ليست مقصودةً.

والذي يشير إليه كلامُ الأصحاب أن المقدار اليسيرَ من الشعير، وإن كان يفرض متموّلاً، فالأمر كما وصفناه، إذا لم يكن بحيث يُقصد في نفسه. والأصحابُ لما جوزوا بيعَ المخيض بالزبد، لم يفرقوا بين القليل والكثير، وإذا كثُر الزَّبدُ، فالرغوة قد تبلغ مبلغاً يُطلبُ مثله في جنس المخيض، ولكن المرعيَّ في الباب [أن] (٢) ما يُميَّزُ من الزَّبدِ في الغالب يُبدّدُ، ولا يُعتنَى بجَمْعه. وإن كثر الزَّبد، فهذا هو المعنيُّ بقول الأصحاب: الرغوةُ غيرُ مقصودة. والشعيرُ إذا قل بالإضافة إلى الحنطة، فلا يقصد تمييزها (٣) ليستعملَ شعيراً، فيتعيَّن التَنبه لهذا.

وإذا بَاع الحنطةَ بالحنطة وفي أحد المكيالين من الشعير ما لو مُيّز، لم يَبِن على المكيال، فلا مبالاةَ بهذا أيضاًً. فإذا اتفق جنسُ المطلوب في العوضين، وكان في أحدهما جنس آخر، لو مُيّز لم يَبِن على المكيال، فلَا مبالاة به. وإن كان يَبِينُ على المكيال، لم يضح البيع؛ لعدم المماثلة في الجنسِ المقصود.

وإن اختلف الجنس في العوضين، وكان (٤) في أحدهما ما يُجانس العوض المقابلَ، ولكن لم يكن بحيث يُقصد على حياله، فالبيع صحيح، ولا نظر إلى التموّل تقديراً، ولا إلى التأثير في الكيل. أما التأثير في الكيل، فلا أثر له مع اختلاف جنس العوضين. وأما التموّل، فلم يُعتبر من جهة أنه مفردٌ غيرُ مقصودٍ، وشبّه هذا بأخذ المُحرِم الشعرَ من نفسه، فهو موجب للفدية، ولو قطع من نفسه عضواً عليها شعر، لم يلتزم الفِدية، من حيث لم يجرّد القصدَ إلى إزالة الشعر.


(١) في الأصل: " فليقع " والمثبت من (هـ ٢). والمعنى: فلننتبه لذلك.
(٢) مزيدة من (هـ ٢).
(٣) تأنيث الضمير على ملاحظة لفظ " حبات الشعير ".
(٤) في الأصل: وإن كان.