وقد نجز الغرضُ من هذا القول في ربا الفضل، وشَذّ عما ذكرناه فروع قريبةٌ نرسمُها، وبنجازها ينتجز هذا الركن.
فرع:
٢٩٧٤ - ذكرنا أن بيع ما لا يكال ولا يوزن من المطعومات، بعضُه ببعض - باطلٌ على القَولِ الجديدِ، كالخيارِ والبطيخ ونحوهما، فلو بيع القثاء بالقثاء وزناً، فالأصح المنعُ. ومن أصحابنا من جوَّز، كما نبهنا عليه فيما تقدم. وهو بعيد.
واتفقت الطرق على منع بيع البيض بالبيض والجوز بالجوز وزناً بوزن؛ من جهة أن المقصود منها في أجوافها، وقشُورُها تتفاوت تفاوتاً ظاهراً، وهذا لا يتحقق في القثاءِ وما في معناه، وذكر صاحب التقريب في البيض والجوز إذا بيع البعض منها بالبعض وزناً وجهين، وهذا بعيد.
فرع:
٢٩٧٥ - إذا قُلنا: الماءُ يجري فيه الربا، وهو المذهب، فلو باع رجلٌ داراً فيها بئر ماء بمثلها، وقلنا: الماءُ يجري فيه الربا - قالوا: في هذه الصورة وجهان: أحدُهما - الجواز، وهو الظاهر؛ فإن الماء الكائنَ في البئر ليس مقصوداً، ولا يرتبط به قصد. والثاني المنعُ، وهو القياسُ، ولا ينقدح للوجه الأول وجهٌ في القياس، لكن عليه العمل، ومعتمدُه سقوط القصد إلى الماء الحاصل، وقد ذكرنا في فصلِ الخلولِ أن من باع خلَّ التمر بخل الزبيب، والتفريعُ على اختلاف أجناس الخلول، فالقَولُ في منع البيع يؤول إلى الماء الذي في الخلَّين، وهو مال ربا. فلو قال قائل: الماء ليس مقصوداً في الخلّ، كما أنه ليس مقصوداً في مسألة الدار، قلنا: قَدْرُ الماء مستعملٌ على صفة الخَلِّ حتى كأنه انقلبَ خلاً، فلم يخرج مقدار الماءِ عن كونه مقصوداً، وإن كان لا يقصد ماءً، وهذا لا يتحقق في البئر ومائِها.
وقد نجز منتهى المراد في ذلكَ.
وقد كُنَّا ذكرنا في أول الباب أن حديث عُبادةَ في أصل الربا مشتمل على ربا الفضل، والتعرضِ للتقابض، والنَّساءِ. نعني ما يتعلق من حُكمهِ بالربا. وبَيّنا أن أصلَ الباب ربا الفضل، والتقابضُ وتحريمُ النَّساء متفرعان عليه. ونحن الآن نعقد المذهب فيهما.