للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فصل

٢٩٧٦ - قد ذكرنا أن علّة الرّبا في الأشياء الأربعة الطُّعم، ومحل العلة اتحادُ الجنس، وعلةُ الربا في النَّقديْنِ جوهرُ النقدية، والمحل اتحاد الجنس.

ويرجع حاصل القول في النقدين والأشياء الأربعة إلى أن العلَّةَ في تحريم ربا الفضل في الأشياء الستة ما هو مقصودٌ من كل صنف. ثم رأينا جمعَ الأشياء الأربعةِ في مقصود الطُّعم، كما قرَّرناه في (الأساليب) وكتاب (الغُنية) (١). والنقدان مجتمعان في معنىً واحدٍ، وهو جوهر النقدية.

فإن قيل: لم ذكرتم جوهرَ النقدية؟ قلنا: لأن التبرَ ليس نقداً في عينه، وكذلك الحلي والأواني. والرسول صلى الله عليه وسلم لم يتعرض للدراهم والدنانير، بل ذكر الذهب والورِق، والمقصود منهما مقتصر عليهما، فاقتضى ذلك ذكرَ جوهر النقدية، وهذا يعم المطبوعَ من الورِق والذهب، وغير المطبوع.

فإذا ثبتت علةُ الربا في الأشياء الستة، فباب التقابُض والنَّساء يدخلان تحت ضبط واحدٍ. فنقول:

٢٩٧٧ - كلّ علّتين جمعتهما علة واحدة في تحريم ربا الفَضل، فإذا بيعت إحداهما بأخرى نقداً بنقدٍ، اشترط التقابض في المجلس، فلو تفرق المتعاقدان قبل التقابض، بطل العقد. ولا فرق بين أن يختلف الجنس أو يتحد. وإنما يختصّ باتحادِ الجنسِ ربا الفضل. واشتراط التقابض يعتَمد الاجتماعَ في علةِ التحريم، ولا التفات إلى [المحل] (٢)، وهو اتحاد الجنس.

وخصَّص أبو حنيفة (٣) اشتراط التقابض بالنقدين، ولا عذر له فيها. وقد طرد رسول الله صلى الله عليه وسلم تحريمَ ربا الفضل في الأشياء الستةِ عند اتحاد الجنس،


(١) الغنية: أحد كتب إمام الحرمين في علم الخلاف. وكذلك: (الأساليب).
(٢) في الأصل: التحريم.
(٣) ر. مختصر الطحاوي: ٧٥، طريقة الخلاف: ٣٠٢ مسألة: ١٢٥، إيثار الإنصاف: ٢٨٨، الاختيار: ٢/ ٣١.