للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم قال فيها بجملتها " إذا اختلف الجنسان، فبيعوا كيف شئتم يداً بيد " وتحريم النَّساء، يُنحَى به نحو التقابض، فكل عينين جمعتهما علةٌ واحدة في ربا الفضل، فلا يجوز إسلام أحدهما في الآخر، اتحد الجنس أو اختلفَ، فلا يصح إسلام البُرّ في الشعير، ولا إسلامُ الدراهم في الدنانير. وأما الاجتماعُ في الجنسية فلا وقعَ له عندنا؛ فيجوز إسلام الثوب في جنسه، وإسلام الخشبة في جنسها.

ومنع أبو حنيفة (١) إسلام الشيء في جنسه، وظن أن اتحاد الجنس أحدُ وصفَي العلّة، وهذا عريٌ عن التحصيل، كما قرَّرناه في مصنفات الخِلافِ.

فإذا انعقدَ الأصلان وابتنيا على تحريم ربا الفضل، فنذكرُ بعدهما أن الدراهم والدنانير تتعيّنُ بالتعيين، فإذا عيَّن الرجل دراهمَ في بيعٍ ولزم، لم يملك إبدالها، ولو تلفت قبل القَبض والتسلم، انفسخ العقدُ، ولو أراد مالكها أن يستبدِل عنها، لم يكن له ذلك، كما لو فُرض التعيين في ثوب أو غيره، وخلاف أبي حنيفة (٢) في ذلك مشهور.

فإذا تمهّدَ هذا، خُضْنا بعدهُ في فصولٍ من الصرف وتحقيق التقابُض.

فصل

٢٩٧٨ - إذا بيعت الدراهم بالدراهم أو بالدنانير، وجرى التعيينُ من الجانبين، فيرتبط العقد بما عُين فيه، ولا بد من التقابض في المجلس. ثم القول في مجلس التقابض، كالقول في مجلسِ الخيارِ، فلَسْنا نعني مكان العقد، وإنما نعني اجتماع المتعاقدَيْن وافتراقَهما، كما تفَصَّل في خيار المجلس بلا فرق، فإذا تفرقا قبلَ القبضِ، انفسخ العقد.

وإن تقابضا، والكلامُ مفروضٌ في التعيين، ثم وجد أحدُهما بما قبضه عيباً، فإن كان رديء الجنس، أو مشوَّشَ النقش، فإذا أراد الردَّ، فله ذلك، وحكم الردّ انفساخُ


(١) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ١٥ مسألة: ١٠٨٤، إيثار الإنصاف: ٢٨٦.
(٢) ر. طريقة الخلاف: ٣٥٤ مسألة: ١٤٩، إيثار الإنصاف: ٣٢٧، الغرة المنيفة: ٨١.