للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صغار، كالمشمش، والخوخ، وما في معناهما. فإذا بيعت هذه الأشجار وعليها أزهارُها، فالثمار في مطلق البيع للمشتري؛ فإنها مستترةٌ استتار الطلع، وفيها مزيدُ معنى، وهو أنهُ لا يعد ثمراً حتى يشتدَّ ويصلبَ، وذلك بعد انتثار الأزهار، وانكشافِها عن الخوخات.

ومن الأزهار ما لا يحتوي على الثمار، ولكنها تطلع والثمرةُ تحتها، كالكمثرى والتفاح، فما كان كذلك، فقد اختلف الأصحابُ فيه: فالذي مال إليه العراقيون أن الثمار لها حكمُ الظهور؛ فلا تتبع الأشجارَ المطلقةَ في البيع. ومن أصحابنا من قال: هي للمشتري؛ لأنها غيرُ منعقدة بعدُ، وإنما انعقادُها بعد انتثار الأزهار، وهذا هو الذي ذكره الصيدلاني.

ومما يتعلق بهذا القسم الكلام في الجَوْز، وقد قال العراقيون: القشرةُ العليا ساترةٌ للجوزِ سَتْرَ الكِمام للطلع، فإذا جَرى بيعُ الشجرة مطلقاًً، فالجوز تابعٌ. وقطع صاحب التقريب بخلاف هذا، واحتجَّ بأن هذه القشور لا تزول في الغالب إلا عند [الأكل] (١)، وحقّق بما ينبّه على المقصود؛ فقال: القشرة العليا تُعَدُّ من الثمرة، والكِمام تُعدُّ من الشجرة، وإذا برزَتْ منها العناقيد وأقطفت (٢)، قُطفت، وتُركت الأَكِمَّة على الأشجار، تركَ السعف والكرانيف، وقشورُ الجَوْز ليست كذلك. والقُطن ملحقٌ بالنخيل، والمُراد ما يكون شجراً باقياً على مَمرّ السنين، فالقطن يؤخذ ويُتركُ القشرُ على الشجر، كما صوَّرناه في الكِمام. وأما الورد؛ فإنه يتستر بجزء من الشجرِ، يتشقق ذلك الجزءُ وتَبرُز الوردة، فهو كالنخل، وقد تبرز الوردةُ في غبَنِها (٣) متضامَّة الأوراقِ، ثم تَتَفتّق، فماذا برزت بجُملتِها، فهي ظاهرةٌ لها حكمُ البروز إذ ذاكَ، فلا تتبع.

فهذا بيانُ الظهورُ والكمونِ في الثمار (٤).


(١) في الأصل: القطف.
(٢) أقطفت الثمار حان قطافها.
(٣) غَبَنِها: أي مخبئها: اغتبن الشيء خبأه في الغَبَن. (معجم).
(٤) لا يسع المنصف إلا أن يسجل إعجابه بإحاطة أئمتنا بواقع المسألة التي يتكلمون فيها، فهذا =