للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٩٩٢ - ونرد التفصيل بعد ذلك إلى النخيل، وهي فحولٌ وإناث، والفحول لا تعنى ثمارُها للأكل، ولكنها تُعنَى لتؤخذَ، وتشقق أكِمّةُ الإناث ويُذرُّ فيها طلعُ الفحول، فتربو وتنمو. وقد تشَّققُ الأكِمَّة بأنفُسها. ثم التأبيرُ قد يختلف باختلافِ أنواع النخيل، فيتقدّمُ التأبيرُ في البعضِ، ويتأخر في البعض، ثم هي تتفاوتُ في أوان القطاف، ولم يجر عُرفُ القائمين بتعهد النخيلِ بتأبير جميعها، بل يكتفون بتأبير البعضِ، وقد تنبث رياح الفُحول إلى الجميع فتتأبر. ثم إن اتحد النوعُ تلاحق التأبيرُ على قُربٍ من الزمانِ، وإن اختلفت الأنواع، فقد تختلف أوقات تأبيرها.

فإذا تُصوِّر ما ذكرناه، قلنا: إذا باع الرجل نخيلَ بستانٍ والنوعُ متّحدٌ، وقد أبَّر بعضَها، فالذي لم يؤبَّر ملحقٌ في الحكم بالمؤبَّر، حتى لا يتبعَ الأشجارَ في إطلاق التسمية، فالكامن منها على الصورة التي ذكرناهَا يتبع الظاهرَ، والسببُ فيه أن رعايةَ الظُّهور في الجميع عسرٌ مفْضٍ إلى تتبع كل عنقود.

والقولُ في ذلك يختلفُ إذا كَثُرت النخيل، فعسُرَ التزامُ التفصيل، وإتباعُ الكامنِ الظاهرَ أوجَهُ؛ من جهة أن الكامن إلى الظُهور في أوقات متلاحقة، والأصل استقلال الثمار بأنفسها، وانقطاعُها عن تبعية الأشجار، وظهرَ بذلك وجوب الميل إلى إتباع الكامنِ الظاهرَ.

٢٩٩٣ - ثم صور الوفاق فيما ذكرناه والخلاف، تنشأ من معنيين: أحدُهما - اشتمالُ البيع واختصاصُه. والثاني - اختلافُ الأنواع، وتباينُ أوقات التأبير، [لأجلها] (١).

فإن اشتمل البَيعُ على نخيلٍ، وقد جَرى التأبير في بعضِها والنوعُ متحد، فقد اجتمع الاشتمالُ واتحادُ النوع، فيتبع الكامِنُ الظاهرَ وجهاً واحداً.


= الوصف لأنواع الأشجار والثمار والزهور لا يكون إلا عن رؤية حقيقية ومتابعة لطبيعة هذه البساتين. وبعض نابتة العصر يهمزون أئمتنا ويلمزونهم، ويتشدقون بما يسمّونه فقه الواقع، وهم لا يدرون ما يقولون.
(١) في الأصل: كلها.