٣٠٠١ - فإذا باع الأشجارَ واستبقَى الثمارَ، ولو سقَى الأشجارَ، لتضرَّرت، وتعرَّضت لعلّةٍ تنالُ الأشجارَ من السَّقي، ولو تَركَ السقْيَ، لانتقصت الثمارُ، أو فسَدَت، فالطُرُقُ مضطربةٌ في هذا المقامِ. ونحن نجمع حاصل أقوال الأصحاب.
فمن أئمتنا من يرعَى جانبَ المشتري، مَصيراً إلى أن بائع الشجرة التزمَ تسليم الشجرة على كمالها للمشتري، وكل ما يؤدي [إلى](١) تنقيصِ الشجرة، فهوَ نقيضُ الوفاء بموجب العقد.
ومن أصحابنا من قال: للبائع أن يسقي إذا كان ينتفع ولا يبالي بتضرر المشتري.
وهذا حكاه العراقيون عن ابن أبي هريرة، ووجهه أنه استحق تبقيةَ الثمار، لا على الفساد. فكأنه استحق تنميتَها، والبيعُ لم يَرِد إلا على هذا الموجَب.
وذكر العراقيون وجهاً ثالثاً عن أبي إسحاقَ المروزي، وذلكَ أنه قالَ: إذا تعارض حقاهما، نُظر، فإن رضي أحدُهما بترك حقِّه، فذاك. وإن تدافَعا وتمانعا، فسخ القاضي العقدَ بينهما.
وحقيقةُ الأوجُه تؤول إلى أن من أصحابنا من يرعى جانبَ المشتري، ومنهم من يرعى جانبَ البائع، ومنهم من لا يقدّم أحدَ الحقَّين على الآخر. ثم من ضرورة استواء الحقين إذا كانا متناقضَين، ولم يكن أحدهما أولى من الثاني، أن يُفسَخ العقدُ بينهما.
٣٠٠٢ - ولو كانت الثمار لا تحتاج إلى السقي، بل كانت تتضررُ به، وكانت الأشجار لا تتضرَّرُ بالسقي، فالخلاف يعود على النحو المتقدِّم. فمن أصحابنا من رَاعى جانب المشتري، ومنهم من راعى جانب البائع، ومنهم من لم يُقَدِّم أحدَهُما على الآخر. ثم موجَب ذلك الفسخ، كما ذكرناه.
ومن الصُوَر الملتحقةُ بما ذكرناهُ أن البائع لو أمكنهُ أن يسقي، ولو سقى، لانتفعتِ الشجرةُ والثمرةُ، ولو امتنع من السقي امتصَّتِ الثمارُ رطوبةَ الأشجار، وأضرَّت بها، فإذا كان السقْيُ ممكناً، فالبائع مُجبرٌ من جهة المشتري على أحد الأمرين: إما أن