للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسقي، وإما أن يقطعَ الثمارَ إذا كان يضُرُّ بقاؤُها.

فلو لم يجد البائع الذي بقيت الثمارُ له ماء، ولو أبقى الثمرةَ، لانتفعت الثمرةُ وتضررت الشجرةُ، فقد ذكر العراقيون في ذلك وجهين: أحدهما - أنه يُجبر على القطع؛ فإنه إنما يملكُ التَّبْقِيَةَ على شرط دفع ضررِها عن الشجرة، فالتبقيةُ إذن مشروطةٌ بما ذكرناه، فإذا تخلف الشرطُ، لم يثبت المشروط.

والوجه الثاني - أن الثمرة تبقى؛ لأنها تنتفع بالتبقيةِ، وإنما على البائع أن لا يترك مجهوداً يقتدر عليه، فإذا انقطع الماءُ، فلا تقصيرَ من البائع، وحقّ التبقيةِ قائمٌ له.

والوجهان يشيران إلى ما قدمناه الآن من أن المراعَى جانبُ المشتري أو جانبُ البائع. ولم يقع التعرضُ لاستواء الحقين، ولا بُدَّ من هذا الوجه، ثم موجَبُ استواءِ الحقين الفسخُ، كما ذكرناه.

[وما ذكرناه] (١) من التردد في قدر حاجةِ الثمرة، فأما ما يزيد على الحاجة، ويضر بالشجرة، فهو ممنوعٌ.

وتمام البيان في هذا أن أهل البصيرة، لو قالوا: الثمرةُ لا تفسد بترك السقيِ، بل تسْلَمُ الثمرةُ من غير سقي [غير] (٢) أنها لو سُقيت، لظهرت زيادة عظيمة، والشجر يتضررُ بها، فهذا فيه احتمالٌ عندي، يجوزُ أن يقالَ: يُمنع البائعُ من هذا السَّقْي؛ فإن الزياداتِ في نهايتِها لا تنضبط، فالمرعيُّ الاقتصاد. ويجوز أن يقال: له أن يسقيَ لمكان هذه الزيادة، على مذهب من يرعى جانبَ البائع؛ فإنّ هذه الزيادة تحصلُ بالسقي، ولو ترك السقيَ، لفاتت، ومن يراعي الاقتصادَ في الاحتمال الأول، لم يكتفِ بأن لا تفسدَ الثمرةُ، بل انتقاصُها عن القصد، والمسلك الوسط آفةٌ في القدر المنتقص.

فهذا بيان المذهب في ذلك.


(١) زيادة من (هـ ٢).
(٢) ساقطة من الأصل.