للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقبضها، ثم انثالت عليها حنطةٌ للبائع، فلا وجه إلا المخاصمةُ، أو التوقفُ، أو المصالحةُ.

ولا اختصاص لهذا الفصل بما نحن فيهِ، ولا ينبغي أن يَظن الناظِرُ -إذا انتهى إلى هذا الموضع- أنا نقتصر في بيان هذا المشكل على هذا، وإذا انتهينا إلى مسائلِ الصلحِ، أتيتُ في هذا بأشفى بيان وأكملِه.

٣٠٠٥ - وهذا كُلّه كلام فيهِ إذا كانت الثمارُ مما تتلاحقُ على ندور، فأما إذا كانت تتلاحق لا محالة في المُدة التي يُبقي المشتري الثمرةَ فيها، كالتين وغيره، فالكلام يقع في هذا الفصل في صحة العقد.

فإذا اشترى ثماراً مزهيةً على شرط التبقية، فقد قال العلماءُ: إذا كانت تتلاحقُ، فالبيع باطلٌ؛ فإنه عقدَهُ على وجهٍ يتعذرُ فيهِ تَسليمُ المبيع، وكان بمثابة ما لو اشترى عبداً آبقاً.

وذكر العراقيون قولاً بعيداً أن البيع موقوف، فإن سمح البائعُ [ببذل حقّه] (١) تبيناً انعقادَ العقدِ، وإن لم يسمح تبينَّا أن البيع غيرُ منعقد في أصله. وهذا قول مزيّفٌ لا أصلَ له، وهو بمثابة المصيرِ إلى وقف بيعِ العبدِ الآبقِ على تقديرِ فرضِ الاقتدارِ عليه وفاقاً (٢). فإن طردوا هذا، فإنه على فسادهِ مطردٌ، وما أراهم يقولون ذلك.

فإن أراد من يشتري الثمار المتلاحقةَ أن يصحَّ العقد، فليشترط القطع، وإذا فعل ذلك، صحَّ العقدُ؛ فإنّ القطعَ ممكن قبل الاختلاط، وفاءً بالشرط، ثم إذا صح العقدُ، وتأخر القطعُ، واختلطت الثمارُ، فالقول في هذه الصورة كالقول فيه إذا كان الاختلاطُ مما يندُر، ولكنه اتفق على ندور، فالقول قبل التخلية وبعدها كما مضى حرفاً حرفاً.

وكل ذلك كلام في صورة واحدة لم يذكرها المزني.

٣٠٠٦ - فأما الصورة الثانية، وهي التي ذكرها المزني، فهي أن يبيع. الرجلُ


(١) سقط من الأصل.
(٢) كذا في النسختين، وواضح أن في الكلام سقطاً، تقديره: " وهو باطلٌ " وفاقاً.