للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأشجارَ، وعليها ثمارٌ بقيت له، فلم يقطُفْها حتى أخرجت الأشجارُ ثماراً للمشتري، واختلطت بالثمار التي كانت للبائع، وقد اختلفَ أصحابُنا على طريقين: منهم من قال: لا ينفسخ العقد في هذه الصورة، ولا يثبت الخيارُ للفسخ؛ فإن [المبيع] (١) لم يختلط، وإنما الاختلاط في زائدٍ غيرِ معقودٍ عليه.

ولو اشترى رجل أشجاراً، وتجدَّدت ثمارٌ في يد البائع، وعابت، والمبيع في يد البائع، فلا خيار للمشتري بعيب الثمار، وهذا هو القياس الذي لا يسوغ غيرُه.

وهذا القائل يغلّط المزني في النقل، وينسبُه إلى الإخلال بالتصوير، ويقول: صورة مسألة الشافعي [هي] (٢) التي انتجزت الآن، فنقل المزني التصويرَ إلى بيع الأشجار، وهو في بيع الثمار.

ومن أصحابنا من جعل المسألة على قولين في الصورة الأخيرة في الانفساخِ وخيارِ الفسخ، كما مضى. ويزعم أن الثمار وإن لم تكن مبيعةً، فهي من حق الشجرة المبيعة؛ فإن المشتري إنما ملك الثمارَ بملكهِ الأشجارَ، ومِلْكُ الأشجارِ ثبت بالعقد.

وهذا القائل يفصل بين صورة الاختلاط، وبين تعيُّب الثمارِ المتجددةِ في يد البائع.

فنقول: الاختلاطُ سببُه بقاءُ ثمرةِ البائع على الأشجارِ، وعلى البائع في الجملة تخلية المبيع للمشترِي، فقد حصَل الاختلاط بسبب ما استبقاه البائع لنفسهِ، ولَعلّنا نذكر ما يُداني هذا في باب الخراج، عند ذكرنا مسيسَ الحاجَةِ إلى قلع باب الدار المبيعة، لنقل ما فيها من أمتعة البائع، وأن الخيار هل يثبت بهذا السبب؟ ويقرب منه نقلُ الأحجار المودَعةِ في الأرض.

فهذا منتهى القول في الصورتين.

٣٠٠٧ - وتكلم الأصحاب وراءهما في شيء لا اختصاص له بالمسألة، ولكنا نذكره على ترتيب ذكر الأصحاب.

فنقول: من اشترى حنطةً، واستوفاها، ثم اختلطت بها حنطةٌ أخرى للبائع بعد


(١) في الأصل: امتنع.
(٢) مزيدة من (هـ ٢).