للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وممَّا ذكرهُ العراقيون أن قالوا: من باع داراً وفيها بئر، فلا شك أن ما يحدثُ من الماءِ، فهو للمشتري، وأما الماءُ الذي كان موجوداً حالةَ البيع وهو جَمَّةُ (١) البئر، فلا شَكّ أنه من المنقولات، وليس من أجزاءِ الدار.

فإن قُلنا: لا يُملك الماء، وإنما يُختصُّ به، من جهة احتواءِ ظرفه عليه، وامتناعِ التصرفِ في ظرفه دون إذنه، فإذا جرى البيع، فيصير المشتري أولى بالماء؛ فإنه لا حقَّ في عينه، وقد امتنع على الناس تخطي مِلكِهِ إلى الماءِ، وإن قلنا: الماءُ يملك، فقد قطع العراقيون بأن القَدْرَ الموجودَ في البئر حالةَ العقد ملكُ البائع، ولست أرى قياساً، ولا توقيفاً يخالف ما ذكروه.

ولكن العادة عامة في المسامحة به. فإن نبا قلبُ ناظرٍ عن هذا فلذلك.

ولو كان في الأرض معدن [عِدّ] (٢) كالنِّفظ وغيره، فإذا باع الأرضَ، وفيها المعدِن، فما يتجدَّد بعد البيع للمشتري، وما كان تجمّع، فهو للبائع، ولا تردُّدَ فيه، بخلافِ الماءِ؛ فإن في الناس من قال: إنه لا يُملك.

ونقل الصيدلاني أن الشافعي قال: إذا قالَ: بعتُك الدارَ وفيها حمَّامٌ، لم يدخل الحمامُ في البيع، [ونقل عن الربيع] (٣) أنه قالَ: أراد الشافعيُ حمامات (٤) الحجاز؛ فإنها بيوت من خشب، تُنقل وتحوّل، فأما إذا كان في الدار حمامٌ مبني، فهو من مرافق الدار، فيدخلُ تحت اسم الدار، ولا تعويل على اختصاص بعض الدور بالحمام، فإن هذا يجري في كثيرٍ من الأبنية، إذ قد توجد بعضُ الأبنيةِ في بعض الدور دون البعض.


(١) جمة البئر: ما تراجع من مائها بعد الأخذ منه، والمراد هنا الماء الذي كان في البئر عند البيع.
(٢) أولاً - كلمة عدّ مزيدة من (هـ ٢).
وثانياً - العِدُّ بكسر العين: الماء الجاري، الذي له مادهّ لا تنقطع، والكثرة في الشيء. والمعدِن هنا مكان استخراج المعادن، (كالمنجم).
(٣) زيادة من (هـ ٢).
(٤) في (هـ ٢) أقحمت كلمة (مكة) قبل كلمة (الحجاز).