للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

٣٠١٣ - من باع أرضاً مزروعةً، فللأئمة طريقانِ في صحة البيع في الأرض، بعدَ الاتفاق على أن الزرعَ لا يدخل تحت تسميةِ الأرضِ، فإنّ سبيلَه سبيلُ المنقولاتِ، وليس معدوداً من أجزاء الأرض، فإذا كان الزرع يبقى للبائع، ففي بيع رقبة الأرض طريقان: أحدهما -وهو الأصح- أن البيع صحيحٌ.

ومن أصحابنا من خرّج بيعَ الأرض المزروعة على بقاءِ الزرعِ للبائع، على قولي بيع الدارِ المكراة، والجامعُ عند هذا القائلِ أن منافعَ الرقبة مستغرَقةٌ بالزرع حسَبَ استِغراقِها باستحقاقِ المستأجِر. والقائل الأول يفرق بين الأرض المزروعة، والمكراة.

ونقول: إثبات اليد للمشتري على رقبة الدار المكراة غيرُ ممكن مع استمرار يدِ المستأجِر واستحقاقِه، وتسليمُ الأرض المزروعةِ إلى مشتريها ممكنٌ. ثم من اشترى أرضاً وعَلِمَها مزروعة، فلا خيار له، لإقدامه على العقدِ على بصيرة بحقيقةِ الحال.

وليس له مع الفرض في العلمِ أجرةُ مثلِ الأرض، وكان منفعتَها مستثناة.

وهذا بمثابة ما لو علم المشتري أن الدار مشحونةٌ بأمتعةِ البائع، ولا يتأتى تفريغُها إلا في زمنٍ لمثله أجرةٌ، فلا أُجرةَ للمشتري.

ولو كان المشتري جاهلاً بكون الأرضِ مزروعةً، فإذا اشترى، ثم اطّلع، فله [الخيارُ، فإن فسخ، فلا كلام،] (١) وإن أجاز، فهل تثبت له أجرةُ مثلِ الأرض لمدة بقاء الزرع، فعلى وجهين ذكرهما صاحب التقريب: أحدُهما - ليس له ذلك، لقدرته على الفسخ، فإن أجاز، فلا مرجع له، وهو كما لو اطّلع على عيبٍ قديم بالمبيع، وتمكَّن من الردِّ، فإن أجاز العقدَ لم يرجع بشيء من الأرش.

والوجه الثاني - أنه يثبت [له] (٢) أجر المثل؛ فإن هذا ضررٌ يلحقه فيما ليس معقوداً


(١) زيادة من (هـ ٢).
(٢) ساقطة من الأصل.