عليه، وهو المنافعُ. ويرِدُ على هذا الضررِ أن المنافع تنزل منزلةَ نقصِ الرقبة في إثباتِ الخيار، فليَجْر حكمُ الرضا مجرى حكم الرضا في العيب. وسيأتي لهذا الخلافِ في الأجرة نظائرُ في الفصل الذي يلي هذا الفصل إن شاء الله تعالى.
٣٠١٤ - ولو اشترى داراً وصادفها مشحونةً بأمتعة البائع، وكان لا يتأتى تفريغُها إلا في مُدَّةٍ، وما كان حسِبَ أن الأمرَ كذلك، فهل يثبت له الخيار، كما يثبت لو اطلع على الأرض، فصادفها مزروعة؟ المذهب ثبوتُ الخيارِ. ومن أصحابنا من لم يُثبتة، وصار إلى أن الغالب في العادة اشتمالُ الدارِ على أمتعةٍ، ثم إنها تفرَّغ، ثم لا ضبط لمقدار الأمتعة. والأصح الأول. والرجوع فيما يُثبت الخيارَ إلى ما يحتاج في نقله إلى مدةٍ يتعذّر فيها الانتفاع بالدار، وكان للمدة أجرة.
ومما يتعلق بتمام البيان في ذلك أن من اشترى داراً مشحونةً بالأمتعة، كما صوَّرنا فقد أطلق الأصحابُ القولَ بصحة البيع، وذكروا في الأرضِ المزروعةِ طريقين في صحة البيع، ولا شك أن القياسَ يقتضي التسويةَ بينهما؛ إذ لا فرق. ولكن المنقول ما ذكرناه، من تخصيص الخلاف بالأرض المزروعة.
وإذا صححنا البيعَ في المزروعة، والدار المشحونة، فلو سلّم البائعُ الأرضَ وفيها الزرعُ، وسلَّم الدارَ وفيها الأمتعةُ، فقد ذكر أصحابنا وجهين في أن اليدَ هل تثبت للمشتري؟ أحدهما - أنها تثبت، وهو ظاهرُ المذهب؛ فإن الرقبة مسلَّمةٌ إليه، وإنما الاشتغال في المنافع.
ومنهم من قال: لا تثبت اليدُ في الموضعين، ما دامت المنافعُ مستغرَقة بالأمتعةِ والزروع.
ومن أصحابنا من ذكر وجهاً ثالثاً - فقال: اليدُ تثبت في الأرض المزروعة، دون الدار المشحونة. ولا يكاد يتضح الفرق.
وما ذكرته من تنزيل الدار المشحونة منزلةَ الأرض المزروعة في القياس، يتأكد بما نقلته من الخلاف، في أن اليد هل تثبت للمشتري عليها أم لا؛ فإنه إذا كان يمتنع ثبوتُ اليد حُكماً، فالبقعةُ المبيعة مشبهةٌ بالدار المكراة، من جهة امتناع ثبوت اليد.