للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكل ما ذكرناه فيه إذا كان لا يلحقُ الأرضَ من النقل عيبٌ، وذَكرنا أمرَ تعطيل المنافع على التقسيم المفصَّل.

٣٠٢٠ - فأما إذا كان ينال الأرضَ عيبٌ، والغالِبُ أن ذلك يُتصوَّر في الأرض المغروسةِ؛ فإنها إذا كانت بيضاءَ، فغايةُ ما يُرتقبُ منها أن يحدث فيها حفائر، وطمُّها وردُّ التراب إليها ممكنٌ، فإذا كان كذلك، كَلَّف المشتري البائعَ النقلَ، ثم البائعُ يطمُّ الحُفَرَ، ويرد الترابَ إليها، ولا خلاف أن ذلك واجبٌ على البائع، ثم يعود النظر في تعطل المنافعِ، وتطاول المدة وقِصرها، وقد مضى ما يتعلق بأمر المنافع والأجرة.

٣٠٢١ - والذي نستقصيه الآن حديثُ طمّ الحُفَر: أجمع الأئمة على إيجاب ذلك على البائع؛ فإنه ممكن، وسنذكر في كتاب الغصوب -إن شاء الله عز وجل- أن من غصب أرضاً وحفر فيها حفائرَ، فيلزَمُه طمُّها وتَسويتُها.

فإن قيلَ: من اعتدى فهدم جدارَ إنسانٍ، فالواجب عليه أرشُ النقص، ولم يلزمه إعادةُ ذلك البناء كما كان وإن أمكن هذا، فما الفرقُ بين احتفار الحفائر وبين هدْمِ البنيان؟ قُلنا: طمُّ الحفيرَةِ لا تفاوُتَ فيه، فقَرُب إلزامُه والتزامُه، وهدْم الجدارِ يتضمن إبطالَ صفةِ البناءِ، وليست تلك الصفةُ من حكم ذَوات الأمثال؛ فإن هيئات الأبنية تتفاوتُ، وما كان كذلك، فهو مشبه بذوات القِيَم، فتجب مقابلةُ التفويت فيه بالقيمة، وهو أَرْشُ النقصِ. وطمُّ الحفرِ يضاهي مقابلةَ المثليِّ بالمثلي، فالصفات المضمونة تنقسم انقسام المتلفات، فما يضاهي المثليات، يجب في تفويته الإتيانُ بمثل ما فوّت، كما ذكرناه من ردم الحفائر وطمِّها.

ونقول: لو رفع إنسانٌ لبنة من رأس جدارٍ، وأمكنَ ردُّه. فنقول من غير تَخيُّل اختلاف في الكيفية والهيئة، فهذا (١) بمثابةِ طمّ البئر وردم الحفر. ثم إذا ثبت وجوبُ الطمّ، وقُرْبُ زمان الإمكان، فلا خيارَ؛ فإن الاحتفارَ إن أورث نقصاً، فهو مما يمكن تَداركُه قريباً، وقد ضربنا لذلك الأمثلةَ، في صَدْر الفصل.


(١) جملة: فهذا بمثابة طم البئر، مقول القول. وكان حقها أن تكون (هذا) بغير الفاء.