للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٠٢٢ - فأما إذا كانت الأرض مغروسة، ففيها تزدحم الأقسام: فإن لم يكن في تَبْقيةِ الأحجارِ ضررٌ وفي (١) نقلها، فالأمر كما مضى حرفاً حرفاً.

وإن كان القلع والنقلُ يضرّ بالغراس، ولو تُركت الأحجارُ، لم يَضُرّ تركُها بالغِراس، بأن كانت معمقةً، لا تنتهي إليها عروقُ الأشجار، ولو اقتُلِعت، تضررت الأشجار، فإن آثر البائعُ النقلَ، فلا شك أن له ذلك، فإنه ناقلٌ عينَ ملكه، وليس لقائلٍ أن يقول: يمتنع عليه النقلُ وفاء بموجَب البيع، وقياماً بتسليم الأرضِ والأشجارِ له. ولكن إذا نقلَ وعيَّبَ، فللمشتري الخيارُ في فسخ البيع.

والمسألة في أطرافِها مفروضةٌ في جهل المشتري بحقيقةِ الحالِ.

فلو قال البائع: لا أنقل الأحجارَ، وأتركُها في الأرضِ؛ حتى لا يَعِيبَ (٢) الغِراسُ بالقلعِ، ولا ضِرارَ بالترك، فقد أجمع الأئمةُ في طُرقهم على أن خيارَ المشتري يبطل، والحجارةُ يتركها البائع. وكأن للشَّرع صَغْواً وميلاً إلى إبقاءِ العقد، إذا أمكنَ مع دفْع الضرارِ عن المشتري. [وهذا مشبهٌ بمسألةٍ] (٣) [سَنُوردها] (٤) في باب الخَراج، وهي أن الرجل إذا اشترى دابةً، وأنْعَلَها، ثم اطَّلع منها على عيب قديمٍ، ولو اقتلع النَّعْلَ، لحدثَ بذلك السبب عيبٌ حادثٌ يمنعُ من الردّ بالعيب القديم، فلو قال: تركتُ النعل، فلا أرجعُ فيه، وقصْدُه استبقاءَ حقه من الرَّدّ. قال الأئمة: له ذلك، والبائع المردود عليه مُجبرٌ على القبول، وهذه المسألةُ مقصودُها استبقاءُ حق الردّ. وقولُنا في استبقاء العقد، حتى لا يُفرضَ طريانُ سبب يُسلِّط على نقضه وفسخه، والمعاني هي المتبعة.

٣٠٢٣ - ثم قالَ الأئمةُ في مسألة النَّعْل وتَرْكِ الأحجارِ: ما يتركه التارك في المسألتين يملكه المتروك عليه، أم لا؟ فعَلَى وجهين: أحدهما - أنهُ لا يملِكه؛ فإن


(١) كذا. ولعل الأوْلى: "في تبقية الأحجار ضررٌ ولا في نقلها".
(٢) يعيب: يصيرُ ذا عيب. فالفعلُ لازم: عاب الشيءُ: صار ذا عيب، وعاب الشيءَ جعله ذا عيب. (معجم).
(٣) عبارة الأصل: "وهذا مسألة سنردّدها ... " والمثبت من (هـ ٢).
(٤) في النسختين: سنردّدها. والمثبت تقدير منا على ضوء المعهود في لغة الإمام.