للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغرضَ ألاّ يحدثَ عيبٌ، وهذا لا يستدعي إثباتَ ملك. والوجه الثاني - أن المتروكَ عليه يملك ما أُجبر على قبوله. وهذا هو الذي يسدّ مسدَّ حقِّه الساقط بسبب الترك، فالحقوق لا تقابل إلا بأعواضٍ مملوكةٍ.

فإن قُلنا: يثبت الملكُ في المتروك، فأثرهُ ظاهر، ويتصرّفُ المتروك عليه في المتروكِ، تصرف المُلاك، ولا يرجع التارك إليه قط.

وإن حكمنا بأن المتروك عليهِ لا يَملك المتروكَ، فلا خلافَ أن البائع (١) يلزمه الوفاءُ بالترك، حتى لو قال بعد الترك: أقلع، وأقنع بأن يُرَدّ عليَّ المبيع، فلا يبالَى به. نعم لو جرت حالةٌ يزول فيها المعنى المقتضي للتركِ، فتلك الأعيان مردودة إذ ذاك على المالكِ التاركِ، كما أن [النَّعلَ] (٢) لو استحق يزالُ، وإن سقَط، رجع فيهِ الراد، وكذا القول في الأحجار.

ولو انقلع الغِراس أو قلعه المشتري قصداً، وزال ما كنا نُحاذره من الضرار، فيعود حق التاركِ.

٣٠٢٤ - وتمام البيان في ذلك أن هبة الأحجار إن كانت ممكنةً على الصحة، فوهب البائع الأحجار، وقبلَ الهبةَ المشتري، واستجمعت الهبةُ شرطَ الصحة، فالوجهُ القطع بحصولِ الملك، والمنعُ [من الرجوع] (٣) في الهبة التي لا رجوعَ في مثلِها، فأما إذا كانت الأحجار لا تصح هبتُها على قولٍ، وقد جرت الهبة كما وصفناها، فمِن أصحابنا من صححها للضرورة، وتحصيلِ استبقاء العقد، ومنهم من لم يُصحّحها.

ولو لم تجرِ هبةٌ على شرطها في الإيجاب والقبُول، ولكن قال: تركتُ الأحجارَ، فمن أصحابنا من قال: لا حكم لهذا القول، وإليه صَغْوُ الصيدلاني في كتابه. ومن أصحابنا من قال: هذا القول كافٍ، ويجب على البائعِ المتلفظِ به الوفاءُ بموجَبه، وقد ذكر ذلك طوائفُ من أئمتنا.


(١) الكلام هنا في مسألة الأرض، وليس في مسألة النعل. فإن التارك في مسألة الأرض هو البائع، وفي مسألة النعل هو المشتري.
(٢) في الأصل: الفعل.
(٣) مزيدة من (هـ ٢).