للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يختصُّ ببعض البلاد ببعض الأعصارِ، ففي مثله التردد. فأما القفال، فإنه يرى الاصطلاحَ المطَّردَ بين أقوامٍ بمثابةِ العادةِ العاقَة، وامتنع غيرُه من هذا. وعندي أن هذا يُنزَّلُ على منزلةٍ (١) ستأتي مشروحةً في كتاب الصداق، وهي أن أقواماً لو تواطئوا على أن يُعبّروا بالألفين على الألفِ، فإذا وقع العقد بلفظِ الألفين، فالتعويل على التواطُؤ، أم على صيغة اللفظ؟ فيه تردّدٌ. وسيأتي في المسألة المترجمة السرّ والعلانيةِ، ووجهُ التشبيه أن العادةَ مُبينة كالعِبارة، والعادةُ التي لا يُعرف مستَندُها من اصطلاح كاللغات، والعادةُ التي تستند إلى اصطلاح معلومٍ كلغة المتواطئين على مُراطناتِهم. وإعمالُ عادةِ التواطؤ - أقربُ مما ذكرناه في مسألة السرّ والعلانيةِ، والسببُ فيه أن إعمالَ التواطُؤِ في تلك المسألة [ألغى] (٢) صريحَ اللغة الثابتة، فقد لا يُحتمل ذلك.

٣٠٣٣ - ومما يَطرأ في هذا الأصل الذي نحن فيه أن الشيء إذا فُرض نُدورُه في بقعةٍ، ثم صُوّر اطرادُه، والحكم مستندَهُ العادةُ، فقد تردّد في هذا حملةُ المذهب، ومنه ينشأ اختلافهم في كثير دم البراغيث في بعضِ الأصقاع، في حكم العفو عن النجاسةِ. ويخرجُ على هذا القانون المسألة التي ذكرناها في الحِصرِم، في بعض الصرود؛ فإنّ فرض ذاك في نهايةِ الندور، وإن تُصوِّر واطَّردت عادةُ أهل البقعَةِ بقطف الحِصرِم، فهو على التردد الذي ذكرناه.

فهذا قولُنا في تأسيس الباب في الثمار التي تباع قبلَ بُدوّ الصلاحِ٠

٣٠٣٤ - وإن بَدا الصلاحُ، فيجوز بيعُ الثمار على شرط التبقية إلى أوانِ الجِداد، وإن بِيعت مطلقةً، صح البيعُ، وحُملَ على موجَب التبقيةِ، بناء على ما مهَّدناه من اتباع العادة العامة في توابع العقد.

فإن قيلَ: نَهْيُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى تُزهي يشعر بمفهومهِ أن البيع قبل بدوّ الصلاح منهيٌّ عنه محرمٌ من غير فصلٍ بين أن يقدّرَ شرطُ القطع


(١) في (هـ): "مسألة".
(٢) مزيدة من (هـ ٢).