٣٠٣٨ - وأما بدوّ الصلاح في البطيخ، فأن يطيب الأكلُ، ويظهرَ فيه التلوُّنُ أيضاًً.
وأما الثمار التي لا تتلوّن بالإدراكِ كالأعناب البيض، فالاعتبار فيها بالتَموّه، وجريانِ الحلاوة، وزوالِ قَرصِ العُفوصة، وطيبِ الأكل.
وهذه الأشياءُ [تجري](١) في التحقيق على قضيةٍ واحدة، على ما سأصِفُه الآن.
وأما بدوُّ الصلاح في القثاء، فليس بأن يتلوّن، ولا يمكنُ أن يقال فيه: هو أن يطيب أكله، أو يمكن ذلك فيه؛ فإن القثاءَ يطيب وهو في نهاية الصغر. قال الأصحاب: الوجه أن ينتهي إلى منتهى يُعتادُ أكله فيه.
فإن قيل: خالفتم بين القثاءِ والثمار؛ إذ قلتم في القثاء: يعتبر اعتيادُ الأكل، والاعتياد لا يعتبر في الثمرة المُزهية، فما الذي أوجب الفرقَ؟ قلنا: لا فرق؛ فإن الزهو إذا ابتدأ، ابتدأ الناسُ في الأكل، وقد يغلب تأخيرُ المُعْظم إلى تمامِ الإدراك، كذلك القول في القثاء؛ فإن الصِّغار منه يُبْتَدرُ، ولكنّ عُمومَ الأكل يتأخَّر، والذي يتناهى صِغرُه لا يؤكل قصداً، إلا أن يتفق على شذوذٍ، فرجع الحاصل إلى طيب الأكل، وابتداءِ الاعتياد فيه، وعلامةُ ذلك في المتلوّنات التلوّنُ إلى جهة الإدراك، وعلامتُه فيما لا يتلونُ التموُّهُ، وجريانُ الحلاوةِ، والرَّونق.
٣٠٣٩ - فإذا تمهَّد معنى بدُوّ الصلاحِ فيما ذكرناه، فإذا باع الرجل ثمار بستان، وقد بدا الصلاحُ في بعضِها، فالذي لم يَبْدُ صلاحُه تابعٌ لما بدا فيه الصلاح، وترتيبُ المذهب في هذا الإتباع، كترتيب المذهب في إتباع ما لم يؤبَّرْ ما أُبِّر، في محلِّ الوفاقِ والخلافِ حرفاً حرفاً.
ولو باع ثمارَ بستان، وهي أجناسٌ مختلفةٌ، وكان بُدوّ الصلاح في بعضِها، فالجنس الذي لم يبْدُ الصلاحُ فيه، لا يتبع الجنسَ الذي أزهى بلا خلافٍ، وإنما التردد في اختلاف النوع مع اتحاد الجنس، كما مضى تفصيلُ ذلك في التأبير وحُكمِه.
قال العراقيون: لو باع الرجل ثمارَ بستانَيْن صفقةً واحدةً، وكان بدا الصلاحُ في أَحدِهما دون الثاني، فثمار البستان التي لم تُزه لا تتبعُ ثمارَ البستانِ التي بدا الصلاحُ