وهذا الاختلاف ليس يجري على منهاج الاختلاف المقدم ذكرُه، في استتباع الأرض أشجارَها؛ فإن ذاك منشؤه استتباعُ الأرض فرعَها، وأما ملك مغرس الشجرة، فليس من جهة استتباعِ الشجرة الأرضَ؛ فإن الفرعَ لا يستتبع الأصلَ، ولكنهُ من جهة ثبوت استحقاقٍ لا محمل لهُ إلا الملك.
ثم إن قُلنا: إنه يملِكُ المَغْرِسَ، فلو انقلعت تلك الشجرةُ، أو قلعَها، فمِلكهُ قائم على المغرس يتصرفُ فيه تصرفَ الملاك، وإن قُلنا: لا يملك مشتري الشجرةَ مَغرِسَها، فإذا انقلَعت، أو قَلَعها، لم يملِك أن يغرسَ فيه شجرةً أخرى؛ فإن حق التبقيةِ كان تابعاً للشجرة التي ملكها، وقد زالت تلك الشجرةُ، فتبع زوالَها زوالُ الحق في المغرس.
فصل
في تفسير بُدوّ الصلاح
٣٠٣٧ - معتمدُ الباب في الحقيقة الخبرُ، ومقتضاه اعتبارُ بدوّ الصلاح، وبيان ذلك في الثمار، ثم في غيرها.
أما الثمارُ، فتنقسمُ إلى ما يتلوّن عند الإدراك بلونٍ يخالف السابقَ قبل الإدراك، كالتمر والأعنابِ: السودِ والحمرِ، فبدوّ الصلاح في هذا القبيل بأن يبدو تلوّنُها، وهو المعنى بقوله صلى الله عليه وسلم:"حتى تُزهيَ، قيل له: يا رسول الله، وما تُزهي؟ فقال صلى الله عليه وسلم حتى تحمرّ أو تصفرّ"، ولا شك أن ذلك إذا ظهر فيها، طابَ أكلُها، وزالَ ما كان فيها، من عفوصيةٍ (١) أو قَرْصِ حموضة، أو مرارة، وقد ورد في بعض ألفاظ الحديث "حتى تطيبَ"، ثم لا يُشترط بلوغُها الغايةَ المطلوبةَ في الطيب؛ فإن هذا إدراك. وبين بدوّ الصلاح، وبين الإدراك وأوانِ القطافِ قريبٌ من شهرين.
هذا قولُنا في الثمار.
(١) عفوصة: من العَفْص، وهو مادة قابضة يدبغ بها غالباً (معجم، مصباح).