للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

٣٠٤٥ - ذكرنا أن من باع نخلةً، وعليها ثمرتُها غيرَ مؤبَّرةٍ، فهي تابعةٌ للنخلة إذا أُطلق اسمُها في البيع، فإن استثناها البائعُ، بقيت له، ولا خلاف في جواز استثنائِها.

وإن تردَّد المذهبُ في جواز إفرادِها بالبيع، كما سنذكره على إثر هذا الفصل، ولا يجوز استثناءُ الحَمْل إذا بيعت الجاريةُ الحامل بالولدِ الرقيق.

هذا أصل المذهب، وسيأتي تفصيلهُ، في باب الخراج إن شاء الله عز وجل.

٣٠٤٦ - ثم هل يُشترط في صحة استثناء الثمار شرْطُ القطعِ؟ فعلى قولين: أحدُهما - أنه لا حاجةَ إلى شرط القطع؛ فإن الاستثناءَ ليس تملُّكاً في الثمار، وإنما هو استبقاءُ الملكِ فيها. وآيةُ ذلك أنا نقطع بصحة الاستثناء. وظاهرُ المذهبِ أن إفراد الثمار بالبيع قبل التأبير ممتنع، ولا شرطَ على المستبقي.

والقول الثاني - أنه لا بد من شرطِ القطع؛ لأن هذا [الاستثناء] (١) في حكم جلب المِلكِ؛ إذ لا بد فيه من لفظٍ واختيارٍ، وعبَّر الأئمةُ عن حقيقة القولين بعبارةٍ، وبنَوْا عليها أحكاماً في أمثلةِ هذه المسألة، فقالوا: لما باع الشجرةَ أشرف مِلكُه في الثمرة على الزوال، غيرَ أنه تلافاها، فهل نجعل المِلْكَ المشرفَ على الزوال إذا استُدْرِكَ كالملك الزائل العائد؟ فعلى قولين.

٣٠٤٧ - ومن نظائر ذلكَ: أن الرجل إذا دبَّر عبداً فجنى في حياته جنايةً، تستغرق قيمتَه، وماتَ السيدُ، ولم يخلّف غيرَه، ففداه الورثةُ. [و] (٢) معلومٌ أنهم لو سلّموهُ، لبِيع، وبطل العتقُ فيه. فإذا فَدَوْه، وحكَمْنا بنفُوذ العتق [فيه] (٣)، فالولاءُ فيه لمن؟ فعلى قولين: فإن جعلنا المشرفَ على الزوال كالزائل العائدِ، فالولاء للورثة.


(١) في الأصل: الاستبقاء.
(٢) زيادة من المحقق.
(٣) مزيدة من (هـ ٢).