للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن لم نجعل الأمرَ كذلكَ، فالولاءُ للمولى المتوفى. وهذه المسألة تبتني على أن تنفيذ الوصية إجازةٌ، وليس ابتداءَ عطيةٍ، فإنَّا لو جعلنا التنفيذَ ابتداءَ تبرعٍ من الورثة، لم يختلف قولُنا في أنهم المعتقون، ثم كنا نقول: لا بد من إنشاء العتق فيه، وإن جعلنا التنفيذ إجازةً، فالقول في الولاء مضطربٌ عندي؛ فإنهم لم يحتاجوا إلى إنشاءِ العتق، فأيُّ معنىً لصرفِ الولاء إليهم، والعتق نفذَ على حكم التدبير الماضي، ولكن الأئمة نقلوا قولاً آخر: أن الولاء للورثة لقوة سببهم، ونزّلوا ذلك منزلةَ الإعتاقِ بلا مزيد. فالقول في الولاءِ عويصٌ، وهو بين أيدينا (١).

٣٠٤٨ - ومما يجب التنبُّه له في مسألة الاستثناء، أنا إذا شرطنا التقييدَ (٢) بالقطع، فأطلقَه، فظاهرُ كلام الأئمة، أن الاستثناء باطلٌ، والثمرة للمشتري، وهذا مشكلٌ جداً؛ فإن صرْفَ الثمرة إليه، مع التصريح باستثنائه محالٌ عندي، فالوجه عدُّ الاستثناء المطلق شرطاً فاسداً مفسداً للعقد في الأشجار، ويكون كاستثناءِ الحمل.

ومما يتعيّنُ الإحاطةُ به، أن الخلاف في اشتراط التقييد بالقطع يترتب لا محالة على أن قطعَ الثمارِ هل يُستحق إذا بقيت للبائع؟ فالتقييد في الاستثناءِ يلتف بوجوب القطع، وجوازِ الإبقاء، فإن لم نشرط التقييدَ، رأينا الإبقاء، وإن شرطنا، أوجبنا الوفاء.

ولا خلاف أن الثمار إذا بقيت للبائع؛ لأنها كانت مؤبّرة، وما كان بدا الصلاح فيها، فلا يستحق عليه قطعُها وإن كان يُشترط في صحة البيع شرطُ قطعها، إذا أفردت بالبيع.

فصل

قال: "وكل ثمرةٍ وزرع دونها حائل ... إلى آخره" (٣).

٣٠٤٩ - مضمون الفصل الكلامُ في بيع الحبوب المستترة والبارزة، فأما الحبوب

البارزة كالشعير، فيجوز بيعُها في سنبلها تعويلاً على العِيانِ، وأما بيعُ المطعومات


(١) أي سيأتي في كتاب العتق.
(٢) في (هـ ٢): التنفيذ.
(٣) ر. المختصر: ٢/ ١٧٠.