للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتفصيله؛ فإن السلخ قطعُ الجلد (١) الملتئم على اللحم عنه. وسيأتي لهذا نظائر عند ذكرنا بيعَ جزءٍ من نصْلِ أو خشبةٍ، وكان لا يتأتَّى تَسليمُ المسمَّى مبيعاً إلا بقطعٍ وتفصيل. ولعلَّنَا نُعيد هذه المسألة ثَمَّ -إن شاء الله تعالى-

وكان شيخي يقطع بمنع بيعِ الجَزَرِ، والسلقِ، والفجلِ، في الأرض. وهذا مفرعٌّ على منع بيع الغائب، وإذا جوزناه، صححنا البيعَ في هذه الأشياء، حسب تصحيحنا بيعَ الأشياء المدفونة في الأرض، إذا كان لا يَعسُر إخراجُها.

فصل

قال: "ولا يجوز أن يَستثني من التمر مدّاً ... إلى آخرِه" (٢).

٣٠٥٣ - إذا باع ثمرةَ بستان إلا مدَّاً، فالبيع باطل، نصَّ عليه الشافعي -رحمه الله- في كتبه الجديدة، والقديمة، والسببُ فيه أن الثمار المشارَ إليها، ليست معلومةً بكيلٍ، ولا وزن، وإنما التَّعويل في إعلامها على العِيان، فإذا استثنى منها مقداراً، اختل به ضبطُ العِيان، فلا يُشار إلى شيء من الثمارِ إلا وللمُدِّ المستثنى منه نصيبٌ.

ولو استثنى من الثمار جُزءاً، كالنصف والرّبع، صح؛ فإنّ هذا لا يُخلّ بضبط العِيان؛ إذ لا يشار إلى شيءٍ من الثمار إلا وينتظم فيه القول بأن المبيعَ منه نصفُه مثلاً.

وعبَّر الشافعي عن هذا، وقال: "استثناء المقدار المعلوم عن المجهول يُكسبُه جهالةً لا تحتمل".

٣٠٥٤ - ولو أشار إلى صُبرةٍ في البيع (٣)، وقال: بعتُك هذه الصُّبرة إلا مُدّاً، فإن كانت مجهولةَ الأمدادِ، فالجواب فيها كالجواب في الثمارِ، ولو كانت الصُّبرةُ معلومةَ الأمداد، فالبيع صحيح، والاستثناءُ ثابتٌ، ولا حاجة إلى ذكر أمدادِ الصُّبرةِ لفظاً،


(١) في (هـ ٢): " قطع اللحم الملتئم على اللحم عنه ".
(٢) ر. المختصر: ٢/ ١٧١.
(٣) ولو أشار إلى صُبرة في البيع: كذا في النسختين (البيع) وواضح أنها بمعنى المكان الذي يعرض فيه المبيع، أو الذي تحفظ البضاعة فيه.