للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل يكفي أن يكونَ المتعاقِدان عالمين بمبلغ الأمداد.

ولو قالَ: بعتُكَ صاعاً من هذه الصّبرة، فإن كانت معلومةَ الصيعان، صح البيعُ.

واختلف الأئمةُ في تنزيله، فقال طوائفُ منهم: هذا بمثابة بيعِ جزءٍ من جملةٍ، حتى لو كانت الصُّبرة مائةَ صاع، فالبيع عُشر العُشر، وأثر هذا أنه لو تلفَ من الصُّبرة شيءٌ يقسط على المبيع والباقي. وهذا اختيار القفال.

وقال قائلون: ليس بيعُ صاعٍ محمولاً على مذهب التجزئة، ولو تلف شيء لم يتقسَّط التالف على المبيع وغيرِه، بل يبقى المبيعُ مَا بقِي صاعٌ؛ فإن البائع ما أخرَج بيعَ الصاعِ إخراجَ بيعِ الجزء من الأجزاء، والمقاصد هي المرعيّة.

هذا إذا كانت الصُّبرة معلومةَ الصِّيعان.

فأما إذا كانت مجهولةَ الصيعانِ، فقال: بعتك صاعاً منها، فهذا خارج على التردد في تنزيل بيع الصاع في صُورةِ العلم بمبلغ الصيعان، فإن نزلنا الصاعَ على الجزء، وبنينا عليه تقسيط التالف على المبيع والباقي، فالبيع على هذا المسلك مع الجهل بالصّيعان باطل؛ فإنه [بيعُ] (١) جزءٍ مجهولٍ، واستدَلّ القفال عليه بما لا دفع له، فقال: لو قُسمت الصُّبرةُ أمداداً، ومُيّزت، ثم قالَ مالكها بعتُكَ مُداً منها، فالبيعُ باطل، ولا فرق بين أن يتميز كذلكَ [وبين أن] (٢) تجتمعَ. وهذا (٣) هو القياس.

ومن نزَّل بيعَ الصاع في صُورةِ العِلم على الإبهام، لا على الجُزئية، صحح البيعَ في المُدّ من الصُّبرة المجهولة الأمداد، قائلاً: إن المبيع معلومٌ، ولا ننظر إلى الجزئية، ثم لا يقضي هذا القائلُ بتلف المبيع، ما بقي من الصُّبرة مقدارُ المبيع.

والقفالُ يقول: هذا خارجٌ عن الإشاعةِ، والتعيينِ، والوصْفِ، وإحاطةِ العيان.

ثم قال: لا فرق عندي بين بيع شيء مجهولِ القدر مضبوطٍ بالعِيانِ يستثنى منه مقدارٌ


(١) مزيدة من (هـ ٢).
(٢) في الأصل: "كذلك أو تجتمع". ورجحنا (هـ ٢) لما عهدناه في أسلوب إمام الحرمين من تكراره لـ (بين) مع الاسم الظاهر، على خلاف المشهور.
(٣) في (هـ ٢): فهذا.