للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذاً فمصدر هذا الكلام القفال المتوفى سنة ٤١٧ هـ نقله عنه أصحاب القاضي المتوفى سنة ٤٦٢ هـ ولما لم يطئمن الإمام إلى نسبة هذا إلى القفال، بحث عنه عند من اختص بنقل نصوص القفال، وهو الصيدلاني المتوفى سنة ٤٢٧ هـ، فلم يجده؛ بل وجد الصيدلاني نقل عكسه، ونص عبارته: " ولم يورد الصيدلاني هذا في طريقه (أي مؤلَّفه) المقصور على مذهب القفال ومسلكه، بل أورد عنه ضد ما أوردناه ". اهـ

فهو يردّ حكاية أصحاب القاضي عن القفال، ويقبل حكاية الصيدلاني عنه، فهو

أولى وأحرى بالقبول، أولاً - لأنه ينقل عن شيخه مباشرة، وثانياً - لأن مؤلفه خاص بنقل نصوص القفال.

ثم لا ينسى أن يشير إلى (بعض المصنفين) فيمن يضعف نقلهم، ولا يصحح روايتهم، ويعني -دائماً- ببعض المصنفين أبا القاسم الفوراني، وهو كثير الحط عليه وتضعيفه من جهة النقل، على حد تعبير السبكي.

* ومن هذا الباب أيضاً ما جاء في مسألة وطء الأب جارية الابن، وثبوت الاستيلاد بهذا الوطء، وهل هناك فرق بين الموسر والمعسر؟ فنجد الإمام يقول: " فأما الفصل بين الموسر والمعسر في ثبوت الاستيلاد عند وطء الأب جارية الابن، فلم أره لصاحب التقريب، مع اعتنائي بالبحث عن كتابه، ولم ينقل أصحابنا هذا القول إلا عنه ".

فها أنت تراه يبحث عن المصدر الذي استقى منه الأصحاب هذا " الفصل بين الموسر والمعسر "، فلا يجد لهم سنداً إلا كلام صاحب التقريب.

فيبحث في كتابه (التقريب) بعناية، ولا يجد هذا بين دفتيه، فيعجب أشد العجب، ويسجل عجبه، وأنه لا يجد سنداً لهذا الوجه.

ومما لا حظناه أن الرافعي حكى هذا عن (التقريب) أيضاً، وحكى قول الإمام في المسألة، ولكنه لم يشر إلى تشككه في نسبة هذا القول المحكي عن صاحب التقريب" (١).


(١) ر. الشرح الكبير: ٨/ ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>