* وفي مسألة من مسائل القراض -لا نُطيل بذكرها- يقول:" وحكى القاضي عن العراقيين طريقة أخرى، لم أطلع عليها من مسالكهم، على طول بحثي عنها ".
فالمنهج -كما ترى- نسبة الطريقة إلى أصحابها، ومعرفة الناقل، ثم عندما وجد المنقول غير صحيح ولا مقبول رجّح الخطأ في النقل، ولذا " أطال البحث عن مسالك العراقيين ".
ثم عقب قائلاً:" ولا شك أن ما حكاه غلط " أي فقهاً.
ولذا يتردّد في نسبة هذا الغلط إلى العراقيين (أي أئمة العراق من أصحابنا) فيقول: " ولكن أخشى أن يكون الناقل غالطاً " ثم يؤكد هذه الخشية، ويجعلها استبعاداً عقلياً، فيقول:" فلا يستجيز المصير إلى ما حكاه عن العراقيين من أحاط بأطراف الكلام في أحكام هذه المعاملة ". اهـ
وكأنه بهذا يقطع بخطأ النقل، فلا يجوز عقلاً أن يقع في هذا الخطأ من عنده إحاطة بأطراف المسألة.
* وهذا المنهج -حملُ الخطأ على النقل- عليه شواهد وأمثلة كثيرة: منها ما جاء في النفقة على اللقيط المنبوذ من ماله، فقد قال:" وذكر العراقيون وجهاً بعيداً: أن القاضي لا يأذن له (أي ملتقط المنبوذ) في صَرْف مال الطفل إلى نفقته، وهذا بعيد، لا أعرف له وجهاً، ولا آمن أن يكون غلطةً من ناسخ " فعندما وجد الخطأ واضحاً غير محتمل على أي وجه، لم يحمل القائل على الجهل، وعدم الفقه، ولكن ردّ القول برفق، وجعل له احتمالاً آخر، وهو أن يكون غلطة من ناسخ.
* ومن هذا أيضاً ما ذكره في كتاب الحج عن الكلام عند فوات الحج والصد عن البيت وأن من فاته الحج وصُدّ عن البيت يلزمه دمان: دم الفوات ودم الحصر، قال وهو يحكي أقوال أئمة المذهب:" وذكر صاحب التقريب خبطاً في كتابه مشعراً بأنه لم يقف على كلام ابن سريج، فلا معنى لذكره، وقد يحمل ما في الكلام من الخبط على خلل النسخة ".
فهو يدقق فيما يُنْسب إلى الأئمة، وحينما يرى في كتبهم ما لا يليق بهم، يبحث،