للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا تفصيل البيع.

٣٠٧٣ - ولو أعتق المشتري العبدَ المشترَى قبل القبض، فالذي قطعَ به الأئمةُ أن العتقَ ينفذُ بعد توفيةِ الثمن على البائع؛ فإن العتقَ ليس تصرفاً يقتضي ضماناً، وقد صَادفَ ملكاً لازماً، من غير اعتراضٍ على حق الغير. وفي بعض التصانيف رمزٌ إلى وجهٍ بعيدٍ، في أن العتقَ لا ينفذ. وهذا لا وجهَ له.

فأما إذا أعتق المشتري العبدَ قبل تَوْفية الثمن، فإن قلنا: ليس للبائع حق حبس المبيع، (١ فالعتقُ ينفذ نفوذَه بعدَ توفيةِ الثمن. وإن أثبتنا للبائع حقَّ حبس المبيع ١)، ففي نفوذ عتق المشتري ثلاثةُ أوجه: أحدها - أنه ينفذ لمصادفته ملكَ المعتِق. والثاني - لا ينفذ لتضمنه إبطال حق البائع من الحبس. والثالث - أنه يفصل بين أن يكون المشتري موسراً بالثمن، وبين أن يكون معسراً. وهذا الوجه ذكره صاحب التقريب، وذكر مثلَه في إعتاق الراهن. والخلافُ في ذلك كالخلافِ في عتقِ الراهن. وكان شيخي يجعل عتقَ المشتري أَوْلى بالنفوذ من عتق الراهن؛ من جهة أن حقَّ الحبسِ يثبتُ تابعاً غيرَ مقصودٍ، والرهن يُثْبت للمرتهن حقَّ الاختصاص قصداً، ولذلك عُقد الرهن، ثم أُكد بالتسليم.

٣٠٧٤ - ومن تصرفاتِ المشتري الإجارةُ، فلو أجر الدارَ المشتراةَ قبلَ القبض، وقبل تسليم الثمن. والتفريعُ بعدَ هذا نُجريه على ثبوتِ حقّ الحبس للبائع، فإذا أجر، ففي صحَّة إجارته وجهان: أصحهما - الصحَّةُ؛ فإنَّ ضمانَ عقدِ الإجارةِ لا يَرِدُ على محلّ ضمان عقد البيع؛ إذ المقصودُ من الإجارة المنافِعُ، وليست هي المبيعَ، فلا وجهَ لمنع الإجارة عن جهة الضمان، ولا وجه لمنعِها من جهة حقِّ الحبس الثابت للبائع؛ فإن ذلك لا يزيد على حقِّ المرتهن، وإجارةُ المرهون جائزةٌ على تفصيلٍ سيأتي في الرُّهون إن شاء اللهُ عز وجل.

ومن أصحابنا من منع صحةَ الإجارة؛ من جهة استدعائها ملكاً تامّاً، والمِلكُ في المبيع قبل القبض ضعيفٌ، ثم هذا القائل لا يفصِلُ في منعِ الإجارةِ بين ما قبل تسليم


(١) ما بين القوسين ساقط من (هـ ٢).