الثمن، وبين ما بعده؛ فإن معتمده ما ذكرناه من ضعف الملك. وهذا يطَّرد إلى قبض المشتري.
وتزويجُ المشتري الجاريةَ المبيعةَ قبل القبض يَنْزِلُ منزلةَ إجارته إياها في الخِلافِ المقدم. ولا شك أن التزويجَ مُنقصٌ للقيمة. وإذا كان كذلك أمكن أن نفصِل بين أن يزوّج قبل تسليم الثمن، وبين أن يزوّج بعدَ تسليمه إذا أثبتنا حقَّ الحبس. والإجارةُ ربما لا تؤدِّي إلى تنقيص القيمة، وفيها الخلافُ المقدَّمُ، وإن أدت إلى تنقيص القيمة. وقد ينتظم فيها وجهٌ أن نفرِّق بين ما قبل التوفيةِ وبعدَها.
ولا خِلافَ أن من استأجر داراً ثم أخرَها قبلَ القبضِ، لم تنفذ إجارتُها والسببُ فيهِ ظاهرٌ، وهو أن الإجارةَ موردُها المنفعةُ، فازدحام إجارتين على منفعةٍ قبل القبض باطل، كما يبطل ازدحامُ ضمانَي بيعين على مبيعٍ واحد.
٣٠٧٥ - ولو رهن المشتري المبيعَ قبل القبض، أو وهبهُ؛ فإن كان ذلك بعد تسليم الثمن، فهو كالعتق في هذا الأوان، ثم إن رَهَنَ، أو وَهَب، وأراد التسليمَ، لم يَمنع منه البائعُ، وقد توفر الثمن عليهِ، والمشتري بالخيار إن شاء، [ألزمَ](١) الرهنَ والهبةَ بالإقباض، وإن شاء، لم يفعل.
وإن فُرِضا -نعني الهبةَ والرهنَ- قبلَ تسليم الثمن، فقد ذكرَ الأئمةُ وَجهين في نفوذهما، كالوجهين في العتق في هذا الوقت. ثم أجمعُوا على أن للبائع أن يمتنع عن التسليم إذا أثبتنا له حقَّ الحبس. وفائدةُ صِحةِ الرهن والهبة أن حق البائعِ إذا زال وقبَضه المشتري، فإن حكمنا بفساد الرهن والهبة أولاً، فهو ساقطٌ ملغىً، وإذا حكمنا بالصحةِ، فلا يُحتاجُ إلى تجديد عقدٍ، وهو على خِيرَتِه في الإقباض.
وذكر صاحب التقريب وجهاً ثالثاً، فقالَ: أما الهبةُ فعلى ما ذكرهُ الأصحاب، ويجوز أن يقال: لا يصح الرهن، وإن صحتِ الهبةُ، لأن الرهنَ قرينُ البيع؛ إذ لا يُعنى به إلا البيعُ في حق المرتهن، وكل ما امتنعَ بيعُه، امتنع رهنُه، وقياس هذا يوجب إبطالَ الرهن، بعد توفية الثمن. كما يمتنع البيعُ في هذا الوقت.