للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٠٧٦ - ثم ذكر الشافعيُّ بعد الكلام في المبيع تفصيلَ الأيدي التي لا يمتنع بها نفوذُ البيعِ وغيرِه من التصرفات.

والوجه أن نذكر أولاً ما اختلفَ علماؤنا في إلحاقه باليد في البيع.

فنقول: منها تصرفُ المرأة في الصداق قبل القبض، وهذا يُخَرّج على قولين مشهورين في أن الصداق مضمونٌ (١) بالعقد أو باليدِ، وسيأتي شرحُ ذلكَ في كتاب الصداق - إن شاء الله تعالى.

ومن ذلك الإقالةُ. وقد اختلف القولُ في أنَّها بيعٌ، أو فسخٌ، فإن [جعلناها] (٢) فسخاً، فلو تقايَلَ المتبايعان، وكانا تقابضَا العوضين في البيع، فلكلٍ منهما أن يتصرَّف في العِوَض الذي ارتدَّ إليهِ مِلكُه قبل أن يستردّهُ؛ فإن العقدَ إذا انفسخ، فليست يدُ واحدٍ منهما بمثابة يد البائع في المبيع؛ من جهة أن التلف يردُّ المبيعَ إلى مِلك البائع، ولو فرض التلف في أحدِ العوضين، أو فيهما، والتفريع على أن الإقالة فسخٌ، فيتلفُ كلُّ عِوضٍ على مِلك من كان مِلْكَه قبل التلف.

ثم الكلام في ضمان القيمة لمن كان مالكاً للعَيْن يأتي مستقصىً في موضعه، إن شاء الله عز وجل. وقَدرُ الغرض منه ما ذكرناه من أن الملك لا يزول بفرض طريان التلف.

وإن حكمنا بأن الإقالة بيعٌ، فالعوضُ المعيَّنُ في يدِ كلِّ واحدٍ منهما بمثابة المبيع قبل القبض، وكأنَّهما تبايَعا على التبادل في العِوضين تبايُعاً جديداً، والأجرةُ المعيّنة في الإجارة بمثابة المبيعِ، والبَدلُ المعيّنُ في الخُلع والصُّلح عن الدم، بمثابة الصداق.

فهذا بيان الأيدي على ما يُعد عِوضاً، أو يقرُبُ من معاوضة.

٣٠٧٧ - ومن رَدّ بالعيب ما اشتراه، ففُسِخَ العقدُ، ولم يرفع بعدُ يده، فالبائع يتصرَّف فيه قبلَ الاسترداد، كما ذكرناه في الإقالة على قول الفسخ.


(١) ساقطة من (هـ ٢).
(٢) في الأصل: جعلنا، وفي (هـ ٢): جعلناه. والمثبت تصرفٌ من المحقق.