للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو صدر من البائع، أو من [غيرِ] (١) إذنهِ، فإن كان المشتري يستحق ذلكَ بأن كان وفَّر الثمن، وامتنع البائعُ من التسليم المستحَق، فالذي فعله المشتري قبضٌ ناقلٌ للضمان مُسلِّط على التصرّف.

وإن لم يكن المشتري مستحِقاً لما فعل، وفرعنا على [أنَّ] (٢) البدايةَ بالتسليم لا (٣) تجب على البائع، فالذي فعله المشتري إتيانٌ بصورةِ القبضِ، وهو فيه مبطلٌ.

والقولُ الوجيزُ في ذلك أنا نجعلُه بمثابةِ ما لو اشترى طعاماً مُكايلةً، ثم قبضه جزافاً، فلا يتسلّطُ على التصرفِ في الرأي الظاهِر، وينتقلُ ضمانُ العُهدةِ إليهِ، حتى لو تلف تحت يده، كان من ضَمانهِ.

وإذا قُلنا: لا بد من النقلِ في قبض المبيع، وجعلنا الاستيلاءَ قبضَ عدوانٍ، فلو وُجد الاستيلاءُ من المشتري من غير نقلٍ، فهو كالقبض جُزافاً فيما اشترى مُكَايلةً.

وذكر شيخي وجهاً آخر: أن الاستيلاءَ كما صورنا لا يقتضي نقلَ الضمانِ، كما لا يقتضي التسليطَ على التَّصرُّفِ. وهذا بعيدٌ. والوجه ما تقدَّمَ.

ولو جرت التخليةُ من البائع، والقبولُ من المشتري من غير نقلٍ، ولا فرضِ استيلاءٍ -والتفريعُ على أن النقلَ لا بدّ منه- فلا يتصرف المشتري، وهل ينتقل الضمانُ إليه؟ فيه وجهان ذكرهُما العراقيون. فليميز الناظرُ بَيْن تخليةٍ من البائع، ولا قبولَ من المشتري، وبين تخليةٍ منه وقبولٍ من المشتري، في الحكم المطلوب، والتفريعُ على اشتراط النقل. فإن لم يكن من المشتري قبولٌ، فلا ينتقلُ الضمانُ إليه. وإن كان منه قبولٌ، ففي الانتقالِ وجهان؛ فإن التخليةَ مع القبولِ تُثبت صورةَ الاستيلاء معَ تخلّف النقل المعتبر، فافهمُوا ترشدوا.

هذا قولنا في النقل والتخلية.


(١) زيادة اقتضاها السياق. ويتأكد صحةُ هذه الزيادة بما قاله الإمام في أول الفقرة ويتأكد من الفصل الذي يتلو هذا مباشرة.
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) ساقطة من (هـ ٢).