للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٠٨٤ - والقسم الثالث فيه: إذا كان المبيع مقدَّراً، وقد أُورِدَ البيع باعتبار تقديره، بأن يقول: بعتُكَ هذه الصُّبرة، كل صاع بدرهمٍ، فلا بد من إجراء الكيل، ولا يتم القبضُ دونَهُ، والتخليةُ غير كافيةٍ، بل (١) لا بد من إجراء الكيلِ أو الوزنِ على حَسَب ما وقعَ تنزيلُ العقدِ.

والأصل فيه ما رواه الشافعي في السواد (٢) عن الحسَن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه " نهى عن بيع الطعام حتى يجري فبه الصاعان " (٣) ومراسيل الحسن (٤) مستحسنةٌ عند الشافعي فلو اشترى بُرّاً كيلاً، فلا يتم القبضُ فيه حتى يُكالَ بعد العقد على


(١) (هـ): ولا بد.
(٢) مرة ثالثة نلتقي بكلمة (السواد)، وقد وضح معناها هنا، فالسواد اسم كتابِ يحيل عليه روى فيه الشافعي، ويحيل عليه إمامُ الحرمين، ويلتزم ترتيبه، ويجري في كتابه هذا (النهاية) على ترتيب هذا (السواد). كما قال ذلك في الموضعين السابقين.
فما هذا الكتاب الملقب بالسواد؟
هل هو مختصر المزني؟
أكاد أجزم بذلك لسببين:
أ- أن إمام الحرمين صرح بذلك، في خطبة كتابه؛ إذ قال: "سأجري على ترتيب المختصر جهدي"، وقد تحقق ذلك، وتم فعلاً. (فالنهاية) تسير على ترتيب مختصر المزني حرفاً حرفاً، حتى وإن انتقد إمام الحرمين هذا الترتيبَ، وأعلن أن فيه تشويشاً في بعض المواضع، لكنه يعقب بإعلانه التزام هذا الترتيب، وعدم الخروج عليه.
ب- السبب الثاني أن ما رواه الشافعي هنا في السواد نجده في المختصر: ٢/ ١٨٣.
ولكن يبقى السؤال: لم سمي مختصر المزني بـ (السواد)؟
أقول الآن -عند المراجعة الأخيرة- إن (السواد) يطلق لغة على الصُّلب، والمتن، والأصل، وإن لم نجد هذا منصوصاً في معجمٍ من المعاجم للآن، وقد سبق أننا أفدنا هذا من شيخنا أبي فهر، برّد الله مضجعه.
(٣) ومرسل الحسن هذا، رواه البيهقي: ٥/ ٣١٦.
ورواه مرفوعاً عن جابر، ابن ماجه: التجارات، باب النهي عن بيع الطعام، ح ٢٢٢٨، والدارقطني: ٣/ ٨، والبيهقي: ٥/ ٣١٦. وانظر التلخيص: ٣/ ٦٣ ح ١٢١١.
(٤) الحسن المراد به الحسن البصري. وكذا دائماً حيث أطلق، فهو الحسن البصري.