للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشتري، ولَو وُزنَ عليه، لم يكفِ، ولو اشتراهُ وزناً، فتمام القبض فيه بالوزن، فلو كيل بدلاً من الوزن، لم يكفِ.

ولا يخفى على الفقيهِ أن ما نرعاه من اتباع الشرعِ في الكيل والوزن، حتى لا يجُوزَ إقامةُ تقديرٍ مقام التقدير الثابت شرعاً، إنما هو في بيع مالِ الربا بجنسهِ حيثُ تجبُ رعايةُ المماثلة، [فإذا] (١) لم يكن كذلك، فلا حرجَ. وكيفَ يُشكِلُ هذا مع جواز ابتياع الحِنطة بالدراهم جُزافاً.

فلو اشترى رجلٌ حنطةً كيلاً، وبقاها في المكاييل، ثم باعها مكايلةً، فهل يجوزُ أن يكتفي بصبِّ تلك المكاييل بين يدي المشتري؟ فعلَى وجهين: أحدهُما - لا يكفي ذلك، [بل] (٢) تُصبُّ الحنطةُ، ثم يُبتدأ كيلُها للمشتري. وهذا القائل يحتج بما روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن بيع الطعام حتى تجري فيه الصَّاعان " قيل: معناه حتى يجرى فيه (٣) صاعُ البائع، وصاعُ المشتري وهذا [يُتصوّرُ] (٤) فيهِ إذا اشترى رجلٌ طعاماً مكايلةً، [و] (٥) باعه مكايلةً، ولعلَّ أمثالَ هذهِ المعاملات كانت تجري في مواسمِ الحجيج وغيرِها، فكان الرجل يبتاع مكايلة [بمقدارٍ، ويبيع مكايلةً] (٦) بأقل أو أكثر، فنزل حديثُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما كانوا يجرون من ذلكَ.

هذا وجهُ هذا الوجه.

والوجه الثاني - أنه يكفي أن تصُب المكاييل للمشتري الثاني، ووجهه أن كونَ الحنطة في المكاييل على الدوام، ينزل منزلةَ أخذٍ جديد بالمكاييل؛ فإن الغرض من الأخذ بالكيل احتواءُ الكيل على المَكِيل، فإنه المقدِّرُ، والحنطةُ مقدّرةٌ به، والدليل عليه أنه إذا اشترى حنطةً مكايلةً، ثمِ ملأ المكيالَ، ونقلَ ذلك، كفى وتم القبض، ولا حاجةَ إلى تفريغ المكيالِ حتى يُقضى بتمام القبض.


(١) في الأصل: وإذا.
(٢) في الأصل: بأن.
(٣) ساقطة من (هـ ٢).
(٤) في الأصل: مصوّر.
(٥) في الأصل: أو.
(٦) ساقط من الأصل.