للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكيلاً بالقبض (١) من جهة الآمِر قابضاً من جهة نفسهِ، فهذا هو الذي لا نُصحّحهُ.

ولو قالَ [لمستحِق] (٢) الطعام: اكتل حقَّك من حنطتي هذه، فإذا اكتاله بنفسه بأمرِ البائع، فَفِي حُصول القبضِ على الصحَّةِ وجهان: أحدُهما - أنه يصح لجريان صورة القبض بإذن صاحب الحنطةِ وبائعها. والثاني - لا يصح لاتحادِ القابضِ والمُقبض، والإذنُ بمجرَّده ليس إقباضاً. وهذا القائلُ يعضد كلامَه بالحديث الذي رويناه في صدرِ الفصل.

فإن قيل: قد قطعتم جوابَكم قبيلَ هذا بما يُناقِضُ هذا إذْ قلتمُ: لو كان للآذن الآمِر حنطة على إنسان، فقال لمن يستحق عليه: اقبض حقَّكَ منه، فإذا قبض زعَمتم أنه لا يصح. قُلنا: الفرقُ ظاهر؛ فإن [مِلْكَ] (٣) الآذنِ فيما قدّمناه لا يثبت في عينٍ حتى يقبض له أولاً، فإذا قبض القابض لنفسهِ، ولم يجرِ القبض للآذن، كان باطلاً وجهاً واحداً؛ فإنه لا يستحق على من قبض منه شيئاً، ولم يثبت للآذِن المتوسّطِ استحقاق في عينٍ حتى يترتب عليه قبض هذا القابض. والمسألة التي ذَكَرنا الوجهين فيها مفروضة فيه إذا كان للآذن حنطةٌ حاضرةٌ عتيدةٌ، فأمر المستحِق بالاكتيال منها.

فإذا ظَهر محلُّ الخلاف والوفاقِ بنينا عليه غرضَنا، وقلنا: لو قال اقبض حقي من فلانٍ، صح، ووقع القبضُ والملكُ في المقبوض للآذِن، حتى لو تلف المقبوض في يَدِ الوكيل، كان محسوباً على الآذن، ويدُ الوكيل أمانة. وبمثلهِ لو قال: اقبض لي من فلانٍ حقّي، ثم اقبض منه حَقّكَ، فأمّا قبضُه له فصحيح. وقبْضُه لنفسه بعد قبضه له [يخرّجُ] (٤) على الوجهين المقدمين.

ولو قال للذي يستحق عليه طعاماً: خُذ هذه الدراهمَ، واشترِ بها لنفسِك طعاماً، لم يصحّ هذا أبداً.


(١) في هامش (هـ ٢): خ " بالإقباض ".
(٢) في الأصل: المستحق.
(٣) في الأصل: مالك.
(٤) في الأصل: تخريج.