للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو قال: اشترِ لي [طعاماً] (١) في الذمةِ، واقبض لنفسك، فالشراء صحيح، والقبضُ فاسدٌ. ولو قالَ: اشترِ لي واقبض لي، ثم اقبض منه حقّكَ، فالشراء والقبض للآمرِ صحيحان، وقبضُه لنفسه على الوجهين.

٣٠٨٩ - ومما يجب التنبُّه له أنه إذا قال: اقبض حقَّك من فلانٍ، فقبضه، لم يصح، والمقبوضُ ملك المقبوضِ منه، فليردّهُ عليه. وإذا ثبت هذا، فلا خفاء في أن تصرفه لا يَنفذ، ويدُه ضامِنةٌ؛ فإنها لا تنحط في هذا المقام عن يدِ المستامِ.

وسأفصّل هذا في آخر الفصل إن شاء الله عز وجل.

ولو قال: اقبض حقَّك من صُبرتي هذه، فإذا اكتال بنفسه، وقلنا: يصح قبضُه، فلا كلام، ويتسَلّطُ على التصرُّفِ. وإن قُلنا: لا يصحّ قبضُه، فليس هذا كما لو اشترى طعاماً مكايلةً وقبضهُ جزافاً؛ فإنا ذكرنا ثَمَّ أن البيعَ في القدر المستيقن ينفذ عند أبي إسحاق، وهَاهُنا لا يَنفُذ البيع أصلاً، بل لا يملكُ القابضُ ما أخذ. والسبب فيه أن مسألة الجزاف مفروضةٌ في ثبوت الملك في الحنطةِ المعيَّنة بالعقدِ، ثم في قبضها التفصيلُ. فلقد قبض ما ملك بالعقدِ، فجرى الأمرُ على ما مضى. والمسألةُ الأخرى مصوّرةٌ فيهِ إذا استحق حنطةً في ذمة إنسانٍ، فأمره من عليه الحنطةُ أن يقبضها على وجهٍ، فإذا لم يصحّ ذلك الوجه، لم يملك المقبوضَ، ولم يتعيَّن حقُّه فيه؛ إذ لم يسبق له قبلُ استحقاق عينٍ (٢). وهذا واضحٌ لا إشكالَ فيهِ.

وقد نجز القول في أصول القبضِ. ونحن نرسم فروعاً شذَّت عن التفاصيل في

القواعد.

فرع:

٣٠٩٠ - إذا باع طعاماً بطعامٍ مكايلةً، فإذا جرى التكايلُ في المجلسِ وترتب التقابُض عليهِ، فإذا تفرّقا، استمرت صحةُ العقد، ولو جَرَى التقابض مُجازفةً من الجانبين، وتفرقا عليه، ففي فساد العقد وجهانِ: أحدُهما - أنه يفسد، لأن القبضَ لم يتم. والثاني - لا يحكم بالفسادِ، لجريانِ صورةِ التقابض.


(١) ساقطة من الأصل.
(٢) لعلها: عين هذه الحنطة.