للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى أصلِ في غير عقود الربا والسَلَم، فليكن الاستبدال من دينٍ في عين بمثابَة بيعِ عينِ بدين، ولا (١) يُشترط الإقباضُ فيه.

والوجه الثاني - الاستبدالُ يَفسُد، ويندرجُ تحت نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم " عن بيع الدين بالدين " (٢). وهذا ظاهر نص الشافعي، وليس الاستبدال في معنى بيع العين بالدين؛ فإن العقد ينزل على مقصود المتعاقدين، وغرضُ الاستبدال استيفاءُ الدين من مالية العَين، فإذا لم يجز القبضُ، كان في حكم دينٍ في مقابلة دين.

وهذا تكلّفٌ والصحيح الأول.

٣٠٩٨ - وإذا ثبت جواز الاستبدالِ عن الديون في هذه الجهاتِ، فهل يصح بيعُ الدينِ من إنسان آخر بعينٍ تؤخذ منه؟ فعلى قولين: أحدهما - يجوز؛ فإن الدينَ مملوكٌ، فإذا جاز استبدالُ مستحقِّه عليه، ونفذَ تصرُّفُه فيهِ، فينبغي أن يجوز بيعُه من الغير (٣ أيضاًً، اعتباراً بالأعيان التي تَنفُذ التصرفات فيها.

والقول الثاني - لا يصح بيعُ الدين من الغيرِ ٣)، فإن الدينَ ليس ملكاً محصَّلاً، ولهذا يمتنع رهنُه، وإنما جوزنا الاستبدالَ توصُّلاً إلى الاستيفاءِ، وإبراءِ الذمة، ولا خلاف أنا وإن جوزنا بيع الدين من [الغير] (٤)، فلا يجوز بيعُ الدين من الغير بالدين؛ فإن هذا لَوْ جُوّزَ انطبق عليه نهيُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الكالىء بالكالىء.

وكان شيخي يقول: اشتراطُ القبضِ في الاستبدال متلقىً من القولين من بيع الدين من الغَير، فإن جوّزنا ذلك، فالاستبدالُ بيعٌ محقق، ولا يُشترط في بيع العين القبضُ، إذا لم يكن العقدُ مشتملاً على عِوضَي الربا. وإذا لم نجوّز بيعَ الدين من الغَيرِ، فلا نجعل الاستبدال في حقيقة البيع بل نجعله استيفاءً، والاستيفاءُ لا يَتعدَّى المجلسَ.


(١) في (هـ ٢): ثم لا يشترط الإقباض فيه.
(٢) حديث النهي عن بيع الدين بالدين رواه الحاكم: ٢/ ٥٧، والدارقطني: ٣/ ٧١، والبيهقي: ٥/ ٢٩٠، ٢٩١، وانظر التلخيص: (٣/ ٦٢ ح ١٢٠٩).
(٣) ما بين القوسين ساقط من (هـ ٢).
(٤) في الأصل: "العين".